للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يتضمن ما فيه من القواعد) ولا يخفى أن من تتمة داعي تأليف مختصر بكذا أنه كان عنده فوائد يختص به لم يسبقه هنا أحد، فكان الأنسب أن يضمه إلى ما ذكر في الشرط بأن يقول لما كان علم البلاغة وتوابعها كذا وكذا، وكان المفتاح كذا وكذا، واجتمع عندي فوائد كذا وكذا ألفت مختصرا يتضمن ما فيه إلى آخر ما ذكره. والقاعدة قضية كلية تشتمل على أحكام جزئيات موضوعة بالقوة القريبة من الفعل، بحيث لو ضمت مع صغرى سهلة الحصول أفادت حكم جزء منها سميت قاعدة لأنها أساس معرفة أحوال الجزئيات، وكثيرا ما يتسامح فيعرف بحكم كلي ...

إلخ؛ تعبيرا للقضية بأشرف أجزائها، ولا يخفى أن قوله يتضمن كقوله: (ويشتمل على ما يحتاج إليه من الأمثلة والشواهد) يدل على أن صيغ الماضي مستعارة للمعنى الاستقبالي تفاؤلا (١)، والشاهد جزء لموضوع القاعدة يصلح لأن يذكر لإثبات القاعدة، والمثال جزء له يصلح لأن يذكر لإيضاح القاعدة، وهذا هو المراد بقولهم المثال جزئي يذكر لإيضاح القاعدة، والشاهد جزئي يستشهد بها في إثبات القاعدة، ولذا قيل الشاهد أخص، والظاهر أن الشاهد كالمثال لا يخص بالكلام العربي كما يستفاد من كلام الشرح، حيث قال هو جزئي يستشهد به في إثبات القاعدة لكونه من التنزيل أو كلام من يوثق بعربيته؛ فإن قلت: يستفاد من قوله: يحتاج إليه من الأمثلة والشواهد أن القاعدة تحتاج إليهما، وإذا كان الشاهد أخص فيندفع الحاجتان به فلا يحتاج إليهما! ! قلت: الاحتياج إليهما لا ينافي الاحتياج إلى واحد له حيثيتان.

(ولم آل) من الألو، كالنصر، أو الألو، كالعتو، أو الألي، كالعتي بمعنى التقصير. (جهدا) أي لم ينته اجتهادي واستفراغ طاقتي، أو لم يعجز فإن التقصير عن الشيء يكون بكلا المعنيين، أو من الألو كالنصر والألو كالعدو بمعنى الترك أي لم أترك اجتهادا؛ كل ذلك من القاموس. وقد أثبت الشارح الألو متعديا إلى مفعولين كقولهم لا آلوك جهدا؛ فجعله لمعنى المنع، والظاهر أنه من قبيل الحذف والإيصال، والأصل لا آلوك جهدا أي لا أترك. (في تحقيقه)


(١) أي تفاؤلا بالوقوع والحدوث لأنها تجعل ما سيقع كالواقع حقيقة في الحال لا محالة كقوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ النحل: الآية (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>