فكأنه قصد إلى جعل الواو للحال فأتى بالجملة الاسمية ففيه أنه لا بد من بيان داع إلى الحال بالواو حتى تتم النكتة. وأما ما قيل إنه لا بد من بيان داع إلى الحال فرجح له على المعطوف؛ ففيه أنه يكفي داعيا بيان بأنه جعل جميع ما صدر عنه مقارنا بحال التضرع إلى الله تعالى، نعم يتجه أن الظاهر أن جملة: أنا أسأل الله، إنشاء للطلب فلا يصلح للحال.
(من فضله) حال من (أن ينفع به) وفي قوله: (كما نفع بأصله) تعريض لطيف بالمفتاح بأنه نفع به مع تجرده عن استحقاق النفع به (إنه ولي ذلك) أي متولي النفع به من غير استعداده النفع به؛ إذ لا يتوقف فيضه على الاستعداد كما هو مذهب أهل الحق (وهو حسبي) أي محسبي وكافي، ولا حاجة لي في مسئولي إلى استعداد تأليفي له، فلا يرد أن الأنسب: والله أسأل؛ ليلائمه قوله:
وهو حسبي؛ لأنه تحصل الملاءمة بسلب الحاجة إلى استعداد المؤلف.
(ونعم الوكيل) يتبادر منه المدح العام بالوكالة لما يتوقع بعده فإما أن يقدر بعده الممدوح أي ونعم الوكيل هو، حذف للعلم به كما في قوله تعالى: نِعْمَ الْعَبْدُ (١) أي أيوب، وحينئذ إن كان تمام الجملة مجرد نعم الوكيل على أحد القولين يلزم عطف مجرد الإنشاء على إخبار ليس بشيء منهما محل الإعراب، والاستدلال بالإنشاء لأن المعطوف عليه مما استدل به، على أنه يجب أن يسأل الانتفاع بهذا المختصر من مجرد فضله تعالى، وإن كان تمام الجملة: نعم الوكيل هو على القول الآخر فإما أن يكون نعم الوكيل خبرا بلا تأويل كما يقتضيه كونه للمدح العام، فيكون عطف الإنشاء على إخبار كذلك، وإما أن يكون مؤولا بجملة خبرية متعلق خبرها جملة إنشائية أي مقول في حقه نعم الوكيل، فلا يكون لإنشاء المدح العام، وهو سلوك في غير مسلك الفهم، وإما أن يعطف على:
حسبي، فيكون الممدوح هو المتقدم، ونظيره ما صرح بجوازه صاحب المفتاح من قولنا: زيد نعم الرجل، فإما أن يكون المعطوف نفس نعم الوكيل، فيلزم الاستدلال بالإنشاء، وإما أن يكون متعلقه المحذوف أي: مقول في حقه: نعم الوكيل؛ فلا يكون هناك إنشاء مدح، ولا محيص إلا بجعل الواو اعتراضية كما في