للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غدائره مستشزرات إلى العلا ... تضلّ العقاص في مثنىّ ومرسل (١)

عقيب قوله: [من الطويل]

وفرع يزين المتن أسود فاحم ... أثيث كقنو النّخلة المتعثكل

أي: رب فرع يزين المتن أسود فاحم بين السواد أثيث كثير كقنو النخلة، هو للنخلة كالعنقود للكرم المتعثكل، بكسر الكاف وفتحها أي ذو عثاكيل، والعثكال كقرطاس: القنو غدائره أي ذوائبه جمع غديرة مستشزرات أي مرتفعات من استشزر أي ارتفع، أو مرفوعات من استشزره أي رفعه إلى العلى، جمع العليا تأنيث الأعلى يريد به أعالي شعرات الرأس، والعقاص جمع عقيصة أو عقصة بكسر العين وسكون القاف، وهي الخصلة المجموعة من الشعر على هيئة الرمانة، والمثنى المفتول والمرسل خلاف المثنى، والعقيصة لا خلاف المثنى كما في الشرح، يريد وصف شعره بالكثرة والطول جدّا، حتى انقسم إلى أقسام، وغابت عقاص في مثنى منه ومرسل، وحتى احتاج إلى رفعه إلى العلى، وسيجيء أن مرجع معرفة تنافر الكلمات والحروف هو الحسن، لكن لا اعتماد على كل حسن بل الحاكم النافذ الحكم حسن العربي الذي له سليقة الفصاحة، أو كاسب الذوق السليم، من ممارسة التكلم بالفصيح، والتحفظ عن التكلم بغير الفصيح، وليس التنافر لكمال تباعد الحروف بحسب المخارج، وإلا لكان مرجعه إلى علم المخارج، ولا لقربه كذلك لذلك، ولا لاختلاف الحروف في الأوصاف من الجهر والهمس إلى غير ذلك، وإلا لكان المرجع ضبط أقسام الحروف، وإياك أن تذهب إلى شيء منها إذ الكل مبني على الغفلة عن تعيين مرجع التنافر، وعن كثير من المركبات الفصيحة الملتئمة من المتباعدات، نحو علم وفرح، والملتئمة من المتقاربات نحو جيش وشجى، وعن أنه لا تفاوت بين مستشرف ومستشزر مع تنافر أحدهما، وخلوص الآخر، ومن مال إلى أن اجتماع المقاربات المخارج سبب للتنافر لزمه عدم فصاحة أَلَمْ أَعْهَدْ (٢) فاجترأ، والتزم، فوقع في تصحيحه


(١) البيتان لامرئ القيس في ديوانه ص ١١٥، ولسان العرب (شزر)، (عقص) والتبيان للطيبي (٢/ ٤٩٦) بتحقيق د. عبد الحميد هنداوي.
(٢) سورة يس، الآية (٦٠) وهي أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>