للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرادف النفس، في قول أبي الطيب في مدح سيف الدولة أبي الحسن علي:

([كريم الجرشّى شريف النّسب]) أوله: [مبارك الاسم أغرّ اللّقب] (١) قال الشارح: وصف اسمه بالبركة لموافقته اسم أمير المؤمنين علي- رضي الله عنه- هذا وحينئذ لا اختصاص له بالاسم، بل الكنية أيضا كذلك، إلا أنه خصه بالاسم ضيق الشعر، ولا بعد أن يجعل البركة لموافقته اسم الله تعالى، فيختص الاسم، والأبلغ أن يكون قصده إلى أنه مبارك الاسم لاكتساب اسمه البركة من ذاته، وأغر اللقب يراد به مشهور اللقب، يعني لقب بسيف الدولة لاشتهاره بهذا الوصف لا للتفاؤل والتمدح، والأغر أبيض الجبهة من الخيل، استعير لكل واضح معروف.

(وفيه نظر) قال الشارح المحقق: لأنها داخلة تحت الغرابة المفسرة بالوحشية، لظهور أن الجرشي إما من قبيل تكأكأتم وافرنقعوا (٢)، أو الجحيش والطلخم، يريد أن الخلوص عن الغرابة يستلزم الخلوص عن الكراهة في السمع، إذ الكراهة في السمع يستلزم عدم استعمال الفصحاء له، فيكون غريبا، إما غير ثقيل على اللسان، أو ثقيلا، لا يقال جعل تكأكأتم وافرنقعوا غير كريه على الذوق ينافي ما نقل عن بعض البلغاء أنه لما قال عيسى بن عمر النحوي (٣): ما لكم تكأكأتم على تكأكؤكم على ذي جنة افرنقعوا عني- قال: دعوه فإن شيطانه يتكلم معه بالهندية؛ لأن إطلاق الهندية عليه يدل على كراهته على الذوق، لأنا نقول يحتمل أن يكون قصده إلى خفاء الدلالة دون الكراهة على الذوق. وأورد عليه أن الغرابة كما تشمل كراهة السمع تشمل تنافر الحروف، ومخالفة القياس؛ إذ الظاهر أن يكونا بمعزل عن استعمال الفصحاء، ويمكن دفع ذكر تنافر الحروف مع اندراجه تحت الغرابة بأن إغناء الغرابة عنه إغناء المتأخر عن المتقدم، ولا وصمة فيه، بخلاف إغناء الغرابة عن قيد الكراهة في السمع؛ فإنه من قبيل إغناء


(١) البيت من قصيدة لأبي الطيب المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني، وهو في شرح التبيان للعكبري (١/ ٧٤)، والإيضاح (٥).
(٢) في اللسان: «افرنقعوا عني: أي انكشفوا وتنحوا وتفرقوا».
(٣) عيسى بن عمر الثقفي بالولاء، أبو سليمان: من أئمة اللغة، وهو شيخ الخليل وسيبويه وابن العلاء، وأول من هذّب النحو ورتبه. ت: ١٤٩ هـ، انظر الأعلام ٥/ ١٠٦، سير أعلام النبلاء ٧/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>