للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إياك والإضافات المتداخلة؛ فإنها لا تحسن، وذكر أنها تستعمل في الهجاء كقوله (شعر):

يا علىّ بن حمزة بن عماره ... أنت والله ثلجة في خياره (١)

ويتضح منه أن المراد بالإضافات ما فوق الواحد، وأن التتابع لا ينافي وقوع غير المضاف بين المضافين، ولو قال المصنف: ومن كثرة التكرار والإضافة لكان أوضح وأخصر.

(كقوله) أي أبي الطيب: [ويسعدني في غمرة بعد غمرة] يريد بالغمرة الشدة استعيرت عما يغمرك من الماء [سبوح] فعول بمعنى فاعل من السبح، السباحة بعد اشتهار استعارتهما لشدة عدو الفرس مع حسن جريها بحيث لا يتعب راكبها، كأنه يجري في الماء، يستوي فيه المذكر والمؤنث، ولا يخفى حسن ذكر السبوح بعد التعبير عن الإسعاد في شدة بعد شدة، بالإسعاد في غمرة بعد غمرة [لها] صفة سبوح [منها] متعلق بقوله لها أو متنازع له في الفاعل، وهذا أحسن وأدق مما قيل من أنها حال من شواهد [عليها] متعلق ب «شواهد» [شواهد] (٢) فاعل له، لاعتماده على الموصوف والضمائر كلها لسبوح والمعنى:

سبوح لها من نفسها علامات شاهدة عليها تشهد بنجابتها، فإن قلت: الشهادة على الشيء شهادة مضرة فكيف صح استعماله في الشهادة بنجابة الفرس؟ قلت لا أضر على الفرس من الشاهد بنجابتها، يوقعها في المعارك والمحارب والمهالك.

(وقوله) أي ابن بابك [حمامة] (٣) طير بري لا يألف البيوت، أو كل ذي


(١) البيت أورده الجرجاني في دلائل الإعجاز (١٠٤)، والقزويني في الإيضاح (٩)، ولعلي بن حمزة المهجو في هذا البيت ترجمة في الجزء الخامس من معجم الأدباء لياقوت، وقوله: «ثلجة في خياره» فيه قلب والأصل: «خيارة في ثلجة».
(٢) البيت في ديوانه من قصيدة قالها لما أراد سيف الدولة قصد خرشنة فعاقة الثلج، والسبوح: أي فرس حسن الجري لا تتعب راكبها، كأنها تجري في الماء، وتسعدني بمعنى تعييني، والغمرة: الشدة.
والشاهد في كثرة الضمائر وتكرارها، انظر البيت في الإشارات والتنبيهات (١٣)، وشرح التبيان (١/ ١٨٧)، والتبيان للطيبي، تحقيق د. عبد الحميد هنداوي، والإيضاح (٨).
(٣) البيت في الإيضاح (٩)، والإرشادات والتنبيهات (١٣)، والتبيان للطيبي (٢/ ٥٢٨).
وجرعا: مقصور جرعاء، ولها معان كثيرة أنسبها لبقية البيت أنها: الكثيب جانب منه رمل وجانب منه حجارة، وحومة الشيء: معظمه، والجندل: أرض ذات حجارة، والسجع: هدير الحمام ... -

<<  <  ج: ص:  >  >>