عدا التعقيد المعنوي) فمست الحاجة للاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد إلى علم، وللاحتراز عن التعقيد المعنوي إلى علم، فوضعوا لهما علمي البلاغة، ثم احتاجوا لمعرفة ما يتبع البلاغة من وجوه التحسين إلى علم آخر، فوضعوا له علم البديع.
(وما يحترز به عن الأول) أي أول الأمرين الباقيين علم المعاني (وما يحترز به عن) ثاني الأمرين الباقيين وهو (التعقيد المعنوي علم البيان، وما يعرف به وجوه التحسين علم البديع، وكثير من الناس يسمي الجميع علم البيان، وبعضهم يسمي الأول علم المعاني والأخيرين علم البيان والثلاثة علم البديع) ولا مشاحة فيها لذوي الأبصار، وإنما الاعتبار لما نال مزيد الاشتهار.
لما فرغنا من شرح المقدمة وحان الشروع في شرح علم المعاني، أقول متضرعا متذللا سائلا الإلهام الرباني، إلهي نعوذ بك من الملاهي، ونلوذ بأوامرك في الاجتناب عن المناهي، ونسألك التمتع بأسرار المثاني، وفهم معانيه الأول والثواني، وإحراز ما وعدته بقراءة كل حرف من حروف المباني، ونبتهل إليك في التخصيص بفهم مزايا أودعتها فيها للخواص، وبالعمل بما يعرف عنها الاجتهاد، مقرونا بكمال الإخلاص، ونطلب منك التوفيق لتحقيق إسناد جميع الكائنات إليك في كل حال، ولضبط كل مسند إلى خير مسند إليه، نبي الرحمة من الأفعال والأقوال ومفازا بمراتب علية هي متعلقات الأفعال والأعمال، ونرجو من قصر أنظارنا على إنشاء ما يوجب الوصل إلى موجبات معرفتك، والفصل عما يوجب خفة موازيننا بل مساواتها، والانقطاع عن مغفرتك، إلهي أغننا بإيجاز جوامع الكلم في المسألة عن الإطناب، وألهمنا رشدنا واهدنا الصراط المستقيم في جميع الأبواب:
الفن: هو الضرب والتزيين سمي به كل قسم من كتابه إشارة إلى مهارته في الصياغة، حيث سبك من مادة واحدة هي مفردات الكلم أنواعا، وجلب لتزيينه لمعانيه بتركيبات بديعة إلى ضبطها طباعا، وادعى لإفادة شدة امتزاجها بالمعاني وسرعة الانتقال منها إليها كونها عين المعاني فقال: