للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أريد ثبوت أمر لأمر مثلا ففي الموجبة يقصد وقوعها، أي مطابقتها للخارج، وفي السلب يقصد لا وقوعها أي عدم مطابقتها للواقع، فمعنى زيد قائم أن ثبوت القيام لزيد واقع، والقصد في زيد ليس بقائم، إلى أن الثبوت المذكور لزيد غير واقع! قلت: هذا كلام حق حقيق بأن يتمسك به، لكن الشارح المحقق جعل اللامطابقة إيماء إلى الكذب، وهو حينئذ لا يتم فالتحقيق الذي يعطيه الفكر العميق، والذكاء الدقيق، إن النسبة التي له خارج هي التي تكون حاكية عن نسبة، فمعنى ثبوت الخارج له لكونه محكيها، ونسب الإنشاءات ليست حاكية، بل محضرة ليطلب وجودها أو عدمها، أو معرفتها، أو يتحسر على فوتها، إلى غير ذلك، وكذا نسب التقييدات ليست حاكية، بل محضرة لتعين به ذات، ومعنى مطابقتها للخارج أن يكون حكايتها على ما هو عليه، فلا خارج للإنشاء، فقوله يطابقه أو لا يطابقه لمجرد الإشارة إلى قسمتها إلى الصادقة والكاذبة، وبها صار بحث الصدق والكذب مسمى بالتنبيه، فالكلام إن كان لنسبته خارج.

(فخبر وإلا فإنشاء) والخبر يكون بمعنى الإخبار، وهو أيضا يقابل الإنشاء، لكن بالمعنى المصدري (والخبر لا بد له من مسند إليه ومسند وإسناد) لو قال:

لا بد له من إسناد ومسند إليه ومسند (والمسند قد يكون له متعلقات إذا كان فعلا) لكان أولى من وجهين لا يختفيان عن مثلك، وتخصيص المتعلقات بالمسند مع أن في قولنا: الضارب زيدا جاءني، متعلق المسند إليه، حيث قيد المسند إليه بالمفعول، لأنه متعلق لمسند الصلة المتعلقة بالمسند إليه، وفيه أن الكلام في أجزاء الخبر وذلك المتعلق ليس متعلق مسند الخبر؛ لأن الصلة ليست خبرا وإن كانت جملة؛ لأن كل جملة غير إنشائية ليست خبرا؛ بل متعلق المسند إليه للخبر. قال المحققان في شرحي المفتاح: أدرج المصنف أحوال متعلقات المسند والمسند إليه في فنهما لكونهما بمنزلة الأجزاء لهما وإخبار قوله: (أو في معناه) (١) على قوله أو معناه ليشمل المشتقات المتصلة بالفعل من غير خفاء، إذ ما في معنى الفعل صريح في كل ما يؤدي معناه، بخلاف معنى الفعل؛ فإن الاصطلاح على


(١) يريد بالمتصل بالفعل: اسم الفاعل واسم المفعول، ويريد بما في معنى الفعل: المصدر؛ لأنه يدل على الحدث كالفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>