(غير ما هو) أي الفعل أو معناه (له) وما هو له فيما سوى الفعل المجهول، واسم المفعول الفاعل، وفيهما المفعول به، ولا يخفى أن غير ما هو له يتبادر منه غير ما هو له في نفس الأمر وبقوله:(بتأويل) يصير أعم من غير ما هو له في نفس الأمر، ومن غير ما هو له في اعتقاد المتكلم في الواقع، أو في الظاهر، ويتقيد باعتقاد المتكلم في الظاهر؛ فهو بمنزلة أن يقال غير ما هو له في اعتقاد المتكلم في الظاهر، والتأول طلب ما يئول إليه الشيء، والطلب هاهنا بالرجوع إلى العقل، ولذا قال الشيخ هو طلب ما يئول إليه من الحقيقة أو الموضع الذي يئول إليه من العقل، وإلا فليس الرجوع في التأول مطلقا إلى العقل، والتأول بنصب القرينة الصارفة للإسناد عن أن يكون إلى ما جعل له إلى ما هو حقيقة الأمر، لا بمعنى أن يفهم لأجلها الإسناد إلى ما هو له بعينه؛ فإنه قلما يحضر السامع بما هو له، بل بمعنى أن يفهم ما هو حقيقة الكلام، مثلا يفهم من: صام نهاري أنه وقع الصوم المبالغ فيه في النهار، أو: صام صائم في النهار جدّا، حتى خيل أن النهار صائم، وفي: بني الأمير المدينة أنه صار الأمير سببا بحيث خيل إليك أنه بان، أو بنى بأن سببه وسببيته كانت على هذا الوجه، ثم التعريف ينتقض بالإسناد إلى الملابس كذلك لا للملابسة فإنه لا يسمى مجازا، كما يرشدك إليه قوله فيما بعد:
وإسناده إلى غيرهما للملابسة مجاز، فلا بد من اعتبار كونه للملابسة، فتأمل واعتبر.
ولا ينتقض بمثل (إنما هي إقبال) لأنه مجاز كما حققه الشيخ، ولم يدخل في التعريف لخروجه بتقييد الإسناد بكونه إلى ملابس، بناء على أن للمصنف مذهبا آخر ليس فيه هذا المثال مجازا، بل هو واسطة.
وأما الكتاب الحكيم، والأسلوب الحكيم، والضلال البعيد، والعذاب الأليم، فإن أريد بها وصف الشيء بوصف صاحبه فليس بمجاز، ولو أريد بها وصف الشيء لكونه ملابس ما هو له في التلبيس بالمسند لكونه مكانا للمسند أو سببا له فيكون المآل الحكيم في كتابه، والحكم في أسلوبه، والأليم في عذابه، والبعيد في ضلاله، أو له كان مجازا داخلا في التعريف، ومقتضى تعريفات القوم أن لا يكون مكر الليل، وإثبات الربيع، وجري الأنهار، وأجريت النهر