للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحواء لِباسَهُما أسند فعل الله إلى إبليس لأنه صار سببا له بوسوسته، وحثه له على أكل الشجرة، فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١) جمع أشيب جعل ظرف الجعل جاعلا، والجاعل هو الله تعالى، وجعل الولدان فيه شيبا كناية عن طوله أو كثرة أهواله، وشدة أمره، فإن الشدة من موجبات سرعة الشيب وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢) جمع ثقل وهو متاع البيت يريد به دفائنها وخزائنها، نسب فعل الله إلى مكانه، كذا في الشرح، والأظهر أنه إسناد إلى المفعول به، لأن الإخراج من الأرض لا في الأرض، وكذا جعل الإخراج فعل الله كجعلهم نزع لباس آدم- عليه السّلام- وحواء، فعله تعالى خفي لاحتمال أن يكون الفاعل فيهما الملائكة، ولا بد لتعيين الفاعل من السمع.

وهو (غير مختص بالخبر) أي المجاز العقلي غير مختص بالخبر كما يتوهم من بعض أساميه، وفيه أنه كما يوهم الاختصاص بالخبر يوهم الاختصاص بالمثبت، فدفع الوهم قاصر أو كما يتوهم من ذكره في بحث إسناد الخبري، ولك أن تريد أن كثرة الوقوع في القرآن خير مختص بالخبر بل يجرى في الإسناد (نحو: يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) (٣) أي قصرا أسند البناء الذي هو فعل البناء إلى ضمير هامان الذي هو آمر بالبناء (ولا بد له) أي للمجاز العقلي (من قرينة) صارفة عن إرادة ظاهرة؛ لأنه اشترط فيه التأول وهو بمعنى نصب القرينة على عدم إرادة الظاهر، وإنما تعرض له مع استفادته من قيد التأول لتفصيلها، فهو بمنزلة البيان للتأول، فينبغي أن يذكر متصلا بما يتعلق به، ولا يفصل بينه وبين ما يتعلق به ببيان الأقسام، وحديث كثرة الوقوع في القرآن وعدم الاختصاص بالخبر، ولا يشترط قرينة معينة لما هو الحقيقة، ولهذا اختلف في أنه هل يلزم له حقيقة أو لا؟

وجوز كون معرفتها خفية، وإذ لم تظهر قرينة صارفة فإن كان الظاهر صادقا يحمل عليه، وإن كان كاذبا فالشارح يحمل عليه، والسيد يتوقف، وقد عرفت ما هو الحق.

***


(١) المزمل: ١٧.
(٢) الزلزلة: ٢.
(٣) غافر: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>