للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى) وهما بمثابة واحدة، فافهم.

ولا يخفى أن خطاب الغير المعين من إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر للعدول إلى غير معين؛ بل هو عند التحقيق من قبيل وضع المضمر موضع المظهر، فإن قوله (ولو ترى) الظاهر فيه لو يرى كل أحد، فمقتضى الظاهر أن لا يذكر هنا، بل ذكره هنا يخل بقوله فيما بعد هذا كله مقتضى الظاهر، ولا يخفى أن أصل الخطاب أن يكون لمشاهد، وقد يترك إلى غيره لجعله كالمشاهد لغرض من الأغراض، نحو إِيَّاكَ نَعْبُدُ (١) (نحو وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) (٢) فإنه لم يقصد بالخطاب معين ليعم صورة الخطاب كل مخاطب، قصد إلى ظهور فظاعة حال المجرمين في ذلك الوقت، وإليه أشار بقوله (أي تناهت حالهم في الظهور) وانكشف فظاعتها لأهل المحشر، إلى حيث يراها كل راء.

(فلا يختص به) أي بالخطاب، وفي بعض النسخ بها أي بالمخاطبة، أو فلا يختص بالإبصار أو بالرؤية (مخاطب) دون مخاطب، فإن قلت: التنبيه على عموم الرؤية ينافي في إبرازها في صورة الممتنع بدخول لو الامتناعية عليه! ! قلت:

إدخال لو الامتناعية عليه للإشعار بأنها مع عمومها تكاد تمنع لفظاعة حالهم، وعدم وفاء طاقة أحد بمشاهدتها، وفي الإيضاح: وقد يترك إلى غير معين نحو فلان لئيم، إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، فلا تريد مخاطبا بعينه، بل تريد إن أكرم أو أحسن إليه فيخرجه في صورة الخطاب ليفيد العموم، وهو في القرآن كثير، نحو (ولو ترى) الآية. أخرج في صورة الخطاب لما أريد العموم، يريد تخرجه في صورة الخطاب، من غير أن يكون حقيقة، ليفيد عموم كل مخاطب، فإفادة العموم لانتفاء حقيقة الخطاب، وتعلق العموم بكل مخاطب بصورة الخطاب، وهكذا قوله: أخرج في صورة الخطاب لما أريد العموم، وقد صعب على الشارح المحقق سلوك الجادة، فعدل إلى طريق غير مسلوك، وتوهم المحجة الواضحة مسلكا هو المشكوك، وقال قوله ليفيد العموم، متعلق بقوله فلا تريد به مخاطبا بعينه، لا بقوله فيخرجه في صورة الخطاب لفساد المعنى، وكذا


(١) الفاتحة: ٥.
(٢) السجدة: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>