وثالثها: أنه لا يظهر كون دفع الشمول دفع توهم تجوز، بل يحتمل دفع توهم سهو خاص هو وضع القوم مثلا فى جاء القوم موضع بعض القوم أو أكثر القوم سهوا، نعم حينئذ أيضا لمزيد توضيح من غير نقضية الفصل بينه وبين قسميه بالسهو.
ورابعها: أن فى كلام السكاكى ما ينافى كلام الشيخ حيث جعل «كل إنسان حيوان» و «كل رجل عارف» ولدفع توهم عدم الشمول مع أنه يوجب الشمول من أصله، ولولا «كل» لما فهم الشمول من اللفظ ويمكن دفعه بأنه ربما يكون النكرة فى الإيجاب للعموم، وذلك فى المبتدأ غير قليل، كما فى الفاعل فلو لم يكن «كل» لكان رجل عارف للعموم وكيف لا ولا مخصص للنكرة حتى يقع مسندا سوى ذا، ويمكن تفصيل هذا التفصيل على الإجمال بأن دفع توهم الشمول فى التأكيد أشيع، والمتكلم البليغ أحوج بهذا القسم لشيوع التخصيص فى العمومات حتى قيل: ما من عام إلا وقد خص منه البعض، ولهذا عين له مراتب على قدر قوة التوهم فربما يكتفى بالتأكيد بالكل، وربما يتبع الكل بأجمع، وربما يتبع ببعض توابعه أيضا، وربما يتبع بتوابعه أجمع فاستحق بذلك تمييزه فى البيان وجعله مشارا إليه بالبنان فإن قلت: قد يوجد دفع توهم عدم الشمول مع التجوز فلا نعنى دفع توهم التجوز عنه، ألا ترى أن قوله تعالى: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ* شامل لإبليس تجوزا، فإن الأصح أنه كان جنيا مغمورا فى الملائكة فلذا أدخل فيها وتأكيد الملائكة ب «كلهم أجمعون» يفيد شمول الحكم لما قصد بالملائكة تجوزا ولا يدفع التجوز، قلت: يحتمل الإسناد التجوز بأن إسناد السجدة إلى الكل تجوزا فهذا التأكيد المفيد للشمول يدفع توهم هذا التجوز.
قال السيد السند: استدراك قوله أو عدم الشمول إنما يتوهم إذا أريد بالتجوز ما يتناول العقلى واللغوى، أما إذا خص بالعقلى كما يشعر به كلام السكاكى حيث قال: وأما الحالة التى تقتضى تأكيده فهى إذا كان المراد أن لا يظن بك السامع فى حكمك ذلك تجوزا أو سهوا أو نسيانا فلا بد من التعرض بعدم الشمول فإنه تجوز لغوى لم يندرج فى التجوز المذكور، هذا وفيه أن تخصص التجوز بالعقلى مما يضيق دائرة النكتة الوسيعة بلا جهة؛ فلذا أسقط المصنف لفظ الحكم الموهوم