للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لبيان القرب ليتوسل به إلى التحقير على أن اللازم للعطف بالفاء، وثم هو تفصيل المسند دون تفصيل المسند إليه ألا ترى أنه لا تفصيل له فى قولك:

جاءنى رجل فرجل آخر أو ثم رجل آخر وأجاب عنه الشارح المحقق بأنه ذكر الشيخ ما محصله: أنه ما من كلام فيه أمر زائد على مجرد إثبات شىء لشىء أو نفيه عنه إلا وهو الغرض الحاصل والمقصود من الكلام وهذا مما لا سبيل إلى الشك فيه، ففى نحو جاءنى زيد فعمرو يكون الغرض إثبات مجىء عمرو بعد مجىء زيد بلا مهلة كأنه معلوم أن الجائى زيد وعمرو، والجهل إنما تعلق بالترتيب والتعقيب فيكون العطف لإفادة تفصيل المسند لا غير حتى لو قلت: ما جاءنى زيد، فعمرو كان نفيا لمجيئه عقيب مجىء زيد ويحتمل أنهما جاءاك معا أو جاءك عمرو قبل زيد أو بعده بمدة متراخية هذا كلامه، وفيه نظر؛ لأن كون العطف لتفصيل المسند إليه والمسند أعم من الكون له مقصودا لذاته أو لغيره ولا خفاء فى كون تفصيل المسند إليه مقصودا بالعطف ليتوسل به إلى تفصيل المسند فى العطف بالفاء ولولا اعتباره أعم لم يتم نكتة العطف فى جاءنى زيد وعمرو بعده بيوم؛ فإن المقصود فيه الترتيب والتعقيب حتى كأن مجيئهما معلوم، والجهل إنما وقع بالترتيب والتعقيب.

فإن قلت: ما الفائدة فى عطف المسند إليه فى نحو قولك: جاءنى الآكل فالشارب فالنائم ومن البين أنه ليس لتفصيل المسند، لعدم تعدد المجىء ولا الجائى؟ قلت: قال الشارح: وهو فى التحقيق ليس من عطف المسند إليه بل من عطف الصلات أى: جاءنى الذى يأكل فيشرب فينام، هذا: وتوجيهه أن اللام وصلته لشدة الامتزاج كالكلمة الواحدة فيدخل عاطف الصلة على اللام كما يدخل إعراب اللام على الصلة، ولو قدرت الموصوف وجعلته من عطف الصفة على الصفة أى: جاءنى الرجل الآكل فالشارب فالنائم، لاستغنيت عن هذا التكلف (أو ثم عمرو) لائمة فإنه مخصوص بعطف الجمل والفرق بينه وبين الفاء أن الفاء لنفى المهلة وثم لإثباتها (أو جاء القوم حتى خالد) لم يقل: أو حتى خالد؛ لأن «حتى» لعطف جزء من متعدد عليه بخلاف «ثم» فلا يقال: جاء القوم ثم خالد، وهذا هو الفارق بين «حتى» و «ثم» بعد اشتراكهما فى التراخى

<<  <  ج: ص:  >  >>