التخصيص لولا تقدير التقديم لحصوله بغيره كما ذكر) يتجه على كلام السكاكي منعان أحدهما: على قوله: التقديم يفيد الاختصاص إن جاز تقدير كونه في الأصل مؤخرا على أنه فاعل فقط وقدر، لأنه يقال: لائم انتفاء التخصيص من غير تقدير التقديم إذ لا دليل على اعتبار التقديم للتخصيص، بل يحصل بلا تقدير تقديم كما ذكر منقولا عن الشيخ (١)، وكلام المتن يحتمل هذا المنع، وحينئذ معنى قوله: لحصوله بغيره لحصول بلا تقدير تقديم بإجراء غير مجرى لا يكون غير ما سوف على زمن أي لا ما سوف، ولا غير نظير، وثانيهما: على قوله: لئلا ينتفي التخصيص، وحينئذ معنى الكلام: لائم انتفاء التخصيص في صورة المنكر لولا تقدير التقديم لحصول التخصيص بغير التقدير من التخصيص بالوصف المستفاد من التنكير كما ذكر السكاكي، والإيضاح يفصح عن هذا المعنى، وهو أوفق بالعبارة وبالجملة الأوضح لولا تقديم التأخير، ولا ينجاب المنع الأول.
والجواب مطلقا عن هذا المنع الثاني أنك إن أردت منع انتفاء التخصيص في النكرة مطلقا لولا تقدير التأخير، فلم يدع أحد أن المسند إليه إذا كان نكرة لا يفيد التخصيص بدون تقدير التأخير، وإن أردت منع انتفاء التخصيص في نكرة من النكرات لولا تقدير التأخير، فالمنع مكابرة؛ لأن النكرة التي لم تخصص بشيء من المخصصات إذا قدمت ينتفي تخصيصه لولا تقدير التقديم (ثم لائم امتناع أن يراد المهر شر لا خير) وكيف لا، وقد قال الشيخ عبد القاهر: قدم شر؛ لأن المعنى الذي أهره من جنس الشر لا من جنس الخير، فجرى مجرى أن يقول رجل: جاءني يزيد؛ أنه: رجل لا امرأة، وربما يدفع هذا المنع بأن المتبادر من الشر الشر بالنسبة إلى الكلب، والإهرار: صوته عند تأذيه، وعجزه عما يؤذيه، فلا يشك عاقل أن مهره لا يكون خيرا بالنسبة إليه، وفيه نظر؛ لأنه يجوز أن يراد بالشر الشر بالنسبة إلى أهل الرجل، أو يراد بالإهرار مجرد جعله ذا صوت، وهناك منعان آخران: أحدهما: أن لا نسلم أن لا يصح قصد التخصيص لامتناع أن يراد: شر أهره لا خير، وامتناع أن يراد: شر أهره، لا شران؛ لاحتمال أن يراد: شر أهر ذا ناب لا غير، بأن يكون الحصر حقيقيّا،