أطلق جواز المخالفة لنكتة اعتمادا على اشتهار وجوب فعلية الشرط، وكأنه لم يقيد الفعلية بالخبرية ذهابا إلى جواز إنشائية الجزاء بلا تأويل إلى الخبر، كما صرح به الشارح، وجعل إنشاء ليس من قبيل مخالفة اللفظ للمعنى لنكتة.
وهاهنا بحث شريف لا ينبغي فوته، وهو أنه هل يصح كون الطلب جزاء بلا تأويل أو لا؟ كما ادعاه السيد السند وادعى أن الوجدان الصحيح لا يحكم بأن الإنشاء لا يقبل الارتباط بالشرط بدون التأويل إلى الخبر، فكل جملة شرطية محتملة للصدق والكذب، وإن جعل الجزاء إنشاء، والحق أن الشرط في قولك:
إن جاءك زيد فأكرمه مثلا قيد للمطلوب، لا للطلب، والطلب معلق بالإكرام المقيد، وكيف لا والطلب في الطلبي كالإخبار في الخبري؛ فكما أن القيد في:
أضرب زيدا غدا لم يتعلق بالإخبار، بل بالمخبر عنه، فكذلك في الطلبي، فالشرطية التي جزاؤها إنشاء لا تحتمل الصدق والكذب، نعم لو كان المقصود بالإفادة في الشرطية النسبة بين المركبين- على خلاف ما ذهب إليه المفتاح، وتبعه المصنف- كان الأمر على ما ذكره السيد السند فكان هذا الاختلاف يتفرغ على الاختلاف في النسبة التامة في الشرطية في أنها بين المركبين، أو في الجزاء، وكما لا يجوز جعل الشرط اسمية لا يصح جعلها طلبية ونحوها، وأن أولت إلى الخبرية، لا لأن أداة الشرط تمنع جعلها الطلب المؤول ونحوه، والاسمية شرطا؛ بل لأنه لا يساعده الاستعمال بناء على أن مناسبة الأداة بالفعلية الخبرية أشد فلم يرضوا بقوتها، وما ذكره الشارح المحقق من أن قوله لفظا إشارة إلى أن الجملتين إن جعلت كلتاهما أو إحداهما اسمية أو فعلية ماضوية، فالمعنى على الاستقبال يجب تأويله بأن المراد: إن جعلت كلتا الجملتين أو إحداهما أحد الأمرين من الاسمية والفعلية الماضوية، ولك أن تنبه على مذهب الكوفيين في: إن أحد من الناس جاءك فأنا جاء، فإنهم لا يقولون بالحذف والتفسير، بل يجيزون دخول إن على الاسمية (كإبراز غير الحاصل في معرض الحاصل لقوة الأسباب) المراد بالجمع المحلى باللام الجنس ليشمل ما له بسبب واحد، ولهذا ترك وصفه بالمتأخذة في وقوعه كما في المفتاح نحو: إن اشترينا كذا (أو كون) الأوضح أو لكون دفعا لتوهم عطفه على إبراز غير الحاصل كما وقع للبعض (ما هو للوقوع) أي: لتحقق الوقوع