للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا عمرو»؛ لأنّ النفى فيهما غير مصرّح به؛ كما يقال: (امتنع زيد عن المجيء لا عمرو).

السكاكى: «شرط مجامعته للثالث: ألّا يكون الوصف مختصّا بالموصوف؛ نحو: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ (١)».

عبد القاهر: «لا تحسن فى المختصّ؛ كما تحسن فى غيره»؛ وهذا أقرب.

(١/ ٥٥٧) وأصل الثانى: أن يكون ما استعمل له ممّا يجهله المخاطب وينكره، بخلاف الثالث؛ كقولك لصاحبك- وقد رأيت شبحا من بعيد-:

«ما هو إلا زيد» إذا اعتقده غيره مصرّا.

(١/ ٥٥٩) وقد ينزّل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب؛ فيستعمل له الثانى إفرادا؛ نحو: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ (٢) أى: مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبرّى من الهلاك، نزّل استعظامهم هلاكه منزلة إنكارهم إياه، أو قلبا؛ نحو: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا (٣) فالمخاطبون- وهم الرسل، عليهم الصلاة والسّلام- لم يكونوا جاهلين بكونهم بشرا، ولا منكرين لذلك؛ لكنهم نزّلوا منزلة المنكرين؛ لاعتقاد القائلين أنّ الرسول لا يكون بشرا، مع إصرار المخاطبين على دعوى الرسالة. وقولهم: إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ (٤): من باب مجاراة الخصم؛ ليعثر؛ حيث يراد تبكيته لا لتسليم انتفاء الرسالة، وكقولك: «إنّما هو أخوك» لمن يعلم ذلك، ويقرّ به، وأنت تريد أن ترقّقه عليه.

(١/ ٥٦١) وقد ينزّل المجهول منزلة المعلوم؛ لادعاء ظهوره؛ فيستعمل له الثالث؛ نحو: إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (٥)؛ لذلك جاء: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ (٦)؛ للردّ عليهم مؤكّدا بما ترى.


(١) الأنعام: ٣٦.
(٢) آل عمران: ١٤٤.
(٣) إبراهيم: ١٠.
(٤) إبراهيم: ١١.
(٥) البقرة: ١١.
(٦) البقرة: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>