للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم، ولا يخفى ما فيه من التعسف، ومن نكات إيراد المسند جملة كون المسند إليه ضمير شأن، وقصد التخصيص، نحو: أنا سعيت في حاجتك، ولا وصمة في إهمالهما إلا عدم استيفاء النكات، ولكن في إهمالهما في بيان نكتة الإفراد شدة الوصمة.

(واسميتها وفعليتها (١) وشرطيتها لما مر)؛ لأن جعل الجملة التي وقعت خبرا اسمية لما دعا إلى جعل مسندها اسما فلما جعل مسندها اسما صارت اسمية بالضرورة، فلا داعي إلى الاسمية، بل إلى جعل مسندها اسما، وهكذا فعليتها وشرطيتها، هكذا ينبغي أن يفهم هذا المقام، فإنه من خصائص الخواص، لا كما يفهمه العوام من أن الاسمية، لإفادة عدم التجدد، وعدم التقييد بأحد الأزمنة والفعلية لإفادة التجدد، والتقييد بأحد الأزمنة، على أخصر وجه، وكونها شرطية للاعتبارات الحاصلة من اختلاف أدوات الشرط.

ولك أن تجعل ضمير اسميتها، ونظيريه إلى مطلق الجملة، فيحصل المقصود في ضمن حصول ما هو أعم.

وهكذا قوله: (وظرفيتها الاختصار الفعلية) ومقتضى الاختصار ترك الفعلية، والتحقيق: أنه ليس لظرفية الجملة نكتة داعية إليها بالذات، إنما تصير ظرفية بالضرورة، لما مر من دواعي حذف المسند، فتأمل.

ثم التحقيق الحقيق باختيار مهرة هذا الفن: أن ليس الخبر الظرف جملة إذ ليس فيه تقدير شيء فضلا عن الفعل، وإنما القول بالحذف لداع لفظي هو وجوب المتعلق للظرف من غير أن يدعو إليه رعاية المعنى، ففي التقدير ترك رعاية المعنى لمصلحة قواعد اللفظ، ولهذا تراهم يجعلون قوله:

فإنّك كالليل الذي هو مدركي (٢)


(١) الضمير في قوله: «وفعليتها» يعود إلى الجملة الواقعة مسندا، فليس في هذا تكرار مع ما سبق؛ لأنه كان في الفعل الواقع مسندا، وهو لا مفرد جملة، وفي هذا إشارة إلى أن الجملة الاسمية إذا كان خبرها فعليا تفيد التجدد.
(٢) البيت للنابغة الذبياني في النعمان، وتمامه:
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
والبيت أورده القزويني في الإيضاح (١٧٧)، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات (١٦٦) ... -

<<  <  ج: ص:  >  >>