الله، وهو أن المقام الخطابي ما يكتفي فيه بالظن من كلام المخاطب، ويقنع بظن أنه أفاد، والمقام الاستدلالي ما يطلب فيه ما إفادة المخاطب بلا شبهة سواء كان المفاد مما يمكن أن يقام عليه البرهان، أو يكون من الظنون، فتأمل، ووجه إفادة التنزيل العموم في المقام الخطابي أن يعطي في معنى: يفعل الإعطاء، فهو مما يتضمن معرفا باللام بدعوة المقام الخطابي إلى الاستغراق، فيحمل عليه إما استغراق المفرد، فيكون بمعنى: كل إعطاء، وإما استغراق الجميع؛ لأن المصدر يستوي فيه المفرد والجمع، فيكون بمعنى جميع الإعطاءات، وقال الشارح العلامة:
الطريق المذكور هو ما ذكر من كون اللام للاستغراق مفيدا للمبالغة في آخر بحث لام الاستغراق، حيث قال: إن حاتم الجواد يفيد الانحصار مبالغة لعدم مطابقة حقيقة الانحصار، وله وجهه إلا أنه قال في بيانه: إن معنى قولنا: فلان يعطي هو لا غيره، يوجد حقيقة الإعطاء، لا غيرها.
وقال الشارح: هذه فرية بلا مرية؛ لأنه وأن يفيد محصل يعطي، وهو يفعل كل إعطاء أنه يعطي لا غيره، لكن لا أمر يقتضي قوله: لا غيرها، ويمكن دفعه بأنه استفاد قوله: لا غيرها من قصد الاستمرار من المضارع، فإذا استمر إعطاؤه، فلا فعل له غيره، ولا يخفي أن هذا الحصر مما يزيد في المبالغة في الإعطاء، وهاهنا بحث أورده الشارح المحقق وهو أن إفادة التقسيم ينافي كون الغرض إفادة الثبوت أو النفي مطلقا بمعنى فسره الشارح به، وأجاب بأن المفاد أعم من الغرض والمقصود، ورده السيد السند بأن الخارج عن القصد لا يعد من الخواص، ولا يعتد به، وهو مندفع بأن ما لا يعتد به ما لا يتعلق به الغرض أصلا، لا ما لا يكون غرضنا من حاق الكلام، ونظير ذلك ما قد سبق أن كون المسند إليه موصولا يكون للإيماء إلى وجه بناء الخبر، ثم أنه ربما يجعل ذريعة إلى التعريض بالتعظيم لشأنه، والتعميم من المعاني الغرضية الغير المنافية لعدم الغرضية من نفس الكلام، وكذلك الاستغراق، فإن المعرف مستعمل في الماهية المعينة، واعتبار الفرد مدلول القرينة، على أن لك أن تريد بإفادة التعميم بأن ما يفيده من الثبوت المطلق، أو النفي المطلق في قوة العام، وبمنزلته، ولا ينفك عنه، ومثل هذا لا يرد بأنه ليس إفادة يعتد بها، إذ لم يجعل التعميم من الدواعي إلى التنزيل، بل جعل الداعي إليه في قوة التعميم، وكشف عن حال