للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محاسنه، وأخباره المذكورة، ويدرك ضدها لهم وهاهنا إشكال قوي لم يسمع ممن سبق فيه روى، وهو أنه إذا جعل كناية عن المتعلق بمخصوص، خرج عن أن يكون الغرض منه إثباته أو نفيه مطلقا، نعم، لو لم يجعل كناية، وجعل معنى معرضا للاستقام (وإلا) عطف للشرطية على الشرطية التي وقعت جزاء لقوله:

فإن لم يذكر معه، وقوله: وإلا لتقدير انتفاء ما ذكر في شرط المعطوف عليه، إن لم يكن الغرض إثباته لفاعله أو نفيه عنه مطلقا، وذلك إما بأن يعتبر تعلقه بمفعول أو يعتبر في الفعل عموم أو خصوص على ما يقتضيه ما نقل من تفسير الإطلاق من المصنف، وحينئذ لا يترتب عليه قوله (وجب التقدير) أي:

تقدير المفعول به؛ لأن الخصوص المذكور ليس بالتقييد بالمفعول به، وهذا مما يقتضي أن لا يعتبر في الإطلاق إلا الإطلاق من المفعول به، واعتبر الشارح في هذا الشرط محذوفا، وهو: بل قصد تعلقه بمفعول (بحسب القرائن) (١) أي:

بسبب القرائن، وجمع القرائن نظرا إلى المواد، أو المراد بعض القرائن، اختاره على قوله بحسب القرينة إشارة إلى كثرة القرائن، كما صرح بها في بحث الإيجاز حيث قال: وأولته، أي: الحذف كثيرة وفصل بعضها، ولا يخفى أن الأحق بكونه مقام التفصيل أول مقام احتيج فيه إليه، وقيد الحذف هنا بحسب القرائن، ولم يقيد حذف المسند إليه والمسند، مع أن الجميع سواء فيه إشارة إلى أن الحاجة إلى رعاية القرينة هنا أشد، إذ الكلام يتم بدون متعلق الفعل، فلا يمكن المخاطب لفهمه ما لم يضطره الفاهم إليه بخلاف المسند والمسند إليه، فإنه لا يعرض عن فهم شيء منهما، وإن عجز يسأل المتكلم وعبر عن الحذف في مقام الإيجاب بالتقدير، وفي بيان مقام النكتة بالحذف؛ لأن التقدير الحذف مع النية، والواجب هو النية، لا الإسقاط، والداعي إلى النكتة الحذف، لا النية، فناسب في الأول عبارة دالة على النية؛ لينصرف إليها الوجوب، وفي الثاني ما يخلو عن النية لتعليق النكتة بما هو خلاف الأصل من الترك، والفرق بين مقام التنزيل التقدير، من نفائس أمر النظير والتدبير، حتى يمتحن به الفحول، وترجح فيه بعض العقول، على بعض العقول، ومما رجح فيه المصنف الشيخ عبد القاهر والزمخشري على المفتاح، وعكس الأمر الشارح المحقق في قوله تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ


(١) يشير بهذا إلى أن حذف المفعول لا بد فيه من قرينة تدل عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>