للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر فيه قد يقتضيه إذ كون الادعائي في مطلق الحقيقي قليلا، وليس القسم الأول منه إلا ادعائيا، والثاني أيضا يكون ادعائيا خفي، فلذا اختار الشارح عوده إلى الثاني اعتمادا على معرفة إمكان قصد المبالغة في الأول أيضا هذا إذا لم يتوقف المجاز على صحة المعنى الحقيقي، أما إذا توقف، فيتعين العود إلى الثاني (المبالغة لعدم الاعتداد بغير المذكور) أو لكمال الاعتداد بالمذكور، فالأول في مقام مذمة غير المذكور ودعوى نقصانه، والثاني في مقام مدح المذكور وبيان نهاية كماله، والفرق بين الحقيقي والادعائي والإضافي في موارد الاستعمال دقيق كثير، إما بتلبس أحد القصدين بالآخر، فليتأمل السامع الذكي، لئلا يخبط، ولا نقول: إن الفرق بين مفهوم الادعائي والإضافي خفي، كما فسر به السيد السند دعوى الشارح دقة الفرق بينهما، وهذا مخفي، ومن البدائع الدقيقة المستخرجة بمعونة الفطرة الرفيعة أنه يقصد المبالغة بالقصر الإضافي، فيقال لمن اعتقد ضرب زيد وعمرو: ما ضرب إلا زيد، لا لرد اعتقاده، بل لتنزيل ضرب عمرو منزلة العدم، هذا، والحمد لله على ما أنعم.

(والأول) أي: قصر الموصوف على الصفة (من غير الحقيقي تخصيص أمر بصفة دون) صفة (أخرى (١) أو مكانها) أي: صفة أخرى.

(والثاني) أي: قصر الصفة على الموصوف من غير الحقيقي (تخصيص صفة بأمر دون آخر (٢) أو مكانه) ومعنى دون آخر متجاوزا الآخر فهو حال عن الأمر، أو الفاعل المحذوف للتخصيص، وهو في الأصل، أو في مكان من الشيء يقال: هذا دون ذاك إذا كان أحط منه قليلا، ثم استعير للتفاوت في الأحوال، فقيل: زيد دون عمرو في الشرف، ثم استعمل في كل تجاوز حد إلى


- ولكن لا اعتداد بخشيته، ومنه قول الفرزدق:
أنا الذائد الحامي الذمار وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا ومثلي
(١) أي دون صفة أخرى، والمعنى دون جنسها، فيشمل الصفة الواحدة، ويشمل أيضا ما فوقها بشرط أن يكون على التفصيل، ليفترق القصر الإضافي عن الحقيقي، فلا يكون من الإضافي نحو «إنما زيد كاتب كاتب لا شاعر» ولا غير ذلك من الصفات- والياء في التعريف داخلة على المقصور عليه.
(٢) أي دون موصوف آخر، والمعنى دون جنسه، فيشمل الموصوف الواحد ويشمل أيضا ما فوق ذلك بشرط أن يكون على التفصيل أيضا، فلا يكون من الإضافي نحو «إنما الكاتب زيد لا غيره من الناس».
[بغية الإيضاح (٢/ ٥)].

<<  <  ج: ص:  >  >>