أي: مؤالفة كالقتال بمعنى المقاتلة والمراد نفي مطلق الإلاف عنهم، فتفسير الشارح بقوله أي: مؤالفة في الرحلتين المعروفتين ليس كما ينبغي وبعده: أولئك أمنوا جوعا وخوفا، وقد جاعت بنو أسد، وخافوا وهو يدل على ما ذكرنا من أن المراد نفي مطلق الإلاف فافهم. كأنهم قالوا: أصدقنا في هذا الزعم؟ فأجيبوا بكذبتم، وأقيم ما يدل على كذبهم مقامه، وجوّز المصنف كونه جوابا لسؤال آخر، كأنه لما أجيبوا بكذبتم سئل عن سبب تكذيبهم، فأجيبوا بقوله: لهم إلف، ففي البيت استئنافان.
فإن قال الشارح: فإن قلت في الوجه الأول أيضا لا بد من جعل له «إلف» جوابا لسؤال عن سبب الكذب، وأجاب بأنه يحتمل أن يكون تأكيدا للكذب أو بيانا فالوجه مبني على أحد الاحتمالين فافترق الوجهان.
وقد عرفت أن ذلك من إقامة العلة مقام الشيء وهو أولى مما ذكره كما لا يخفى ولك أن تجعل الزعم متضمنا لدعوى الكذب، وتجعل المقدر سؤالا عن سبب الكذب فلا يكون استينافا محذوفا، ولو قوبل بالتقدير فتقدير ما علامة كذبنا هو الجدير (أو بدون ذلك) أي: بدون قيام الشيء مقامه (نحو فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (١) أي: نحن على قول) الأولى أي: هم نحن على قول؛ إذ تقدير نحن متفق إنما الاختلاف في تقدير مبتدأ له، والأولى على القول لئلا يتوهم من ينكر قول مخالفته للقول السابق (وأما الوصل لدفع الإيهام فكقولهم: لا وأيدك الله): فقولهم لا إخبار لرد خبر سابق فهو خبر، وأيدك الله جملة إنشائية دعائية، فبينهما كمال الانقطاع، وإنما عطف مع كمال الانقطاع لدفع الإيهام؛ لأن لا وأيدك الله ظاهر في الدعاء على المخاطب يمنع التأييد عنه فنبه بالعطف على أن لا جملة مستقلة فدفع الإيهام علة مشتركة بين الوصل والفصل، لا يقال لا الداخلة على الماضي يلزمه التكرير فلا إيهام مع عدم التكرير؛ لأنا نقول ذلك:
إذا لم يدخل في الدعاء كما تكرر في محله، وقد يعطف للتوسط مع دفع الإيهام كما إذا قيل لك: هل أضرب زيدا؟ فتقول: لا، وأيدك الله، فإن (لا) هنا إنشائية بمنزلة لا تضرب فالعطف للتوسط ولدفع الإيهام، ولا تزاحم، ولك أن