للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشار إلى وجه جواز الأمرين بقوله (لدلالته على المقارنة؛ لكونه مضارعا دون الحصول) أي: الثبوت والتجدد فإن كلا منهما منتف أما الثبوت فللنفي، وأما الحدوث فلأن النفي أزلى، وإليهما أشار بقوله: (لكونه منفيا) ومما ينبغي أن يعلم أن المنفي بلن لا تقع حالا؛ لأنها حرف استقبال ويشترط في الجملة الواقعة حالا خلوها عن حرف الاستقبال كالسين ولن ونحوهما.

وعلله النحاة بتنافي الحال والاستقبال، وهذه مغالطة ظاهرة نشأت من اشتراك لفظ الحال بين هذا القسم من المنصوب وبين ما يقابل الاستقبال؛ ولما كان هذا غلطا فاحشا أراد الرضي أن يبريهم عن الغلط بأن يجعل كلامه بيان سرّ نحويّ صار دأبهم فيه القناعة بما هو أوهن عن بيت العنكبوت فقال: معنى كلامهم أنهم لم يرضوا بتقدير الحال بما يوهم التنافي بينه وبين الحال، بناء على أن له منافاة بمعنى آخر للحال.

وقال السيد السند: اشتراك لفظ الحال بين ما ينافي الاستقبال وبين الجملة الحالية الغير المنافية له لا يقتضي كراهة تصدير الجملة الحالية بعلم الاستقبال فهذا وجه مستتبع جدّا، وقد عرفت أن الكراهة لإيهام التنافي، وهو مما يقنع به في الاستعمالات، نعم هنا أمر آخر يتعجّب عن غفلة هؤلاء الفحول عنه، وهو أن وضع الحال للجملة الحالية استعمال نحوي حدث بعد وضع اللغة بمدد مديدة، فكيف يجعل الإيهام الناشيء من قبله داعيا لاستعمال العرب وتحرزهم فيه عما يوهم التنافي بعد هذا الوضع، ولا يبعد أن يقال: التحرز عن دخول علم الاستقبال؛ لأنه بمنزلة اسم الفاعل لمشاركته له لفظا ومعنى، ولا يدخل عليه ما هو علم الاستقبال فلم يرضوا لدخوله على ما هو بمنزلته، وإنما رضوا بدخول لم ولما لأنهما يخرجانه إلى المضي، فلا يكون كاسم الفاعل معنى. وزعم بعض النحاة أن المنفي بلفظ ما يجب أن يكون بدون الواو لأن المضارع المجرد يصلح للحال فكيف إذا ضمّ إليه ما يدل بظاهره على الحال، وهو ما وهذا مبني على أن يكون وجه امتناع المضارع عن الواو وظهوره في الحال.

وأما على ما ذكره المصنف فغير متجه لفوات الدلالة على الحصول بل الحدوث؛ لأن النفي في الحال لا ينافي الاستمرار فالجواب عما ذكروا منع كون

<<  <  ج: ص:  >  >>