للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاهنا ليس بمعنى الحال، وفيه: أولا أن اللازم عدم صحة الوقوع حالا، لا وجوب الواو التي هي فرع الوقوع حالا، وثانيا أنه بانتفاء الدلالة على المقارنة ينتفي استواء الأمرين دون وجوب الواو، ويمكن دفع الثاني بمزيد تكلف تركناه لمن لا ينزه عنه.

وقال السيد السند: إن الحق أن امتناع تصدير الحال بعلم الاستقبال ووجوب «قد» في الماضي؛ لأن المضارع في الحال يستعمل في الحال بالنسبة إلى العامل يعني في حال العامل، والماضي قيد بقد لتقريبه من الحال بالنسبة إلى عامله يعني لتقريبه بزمان العامل، ولو قيد المضارع بعلم الاستقبال لأوهم الاستقبال بالنسبة إلى العامل، والحاصل أنه كما يكون المراد بالمستقبل الاستقبال حقيقة أو بالنسبة إلى ما قبله كذلك الحال والماضي، وهو المعتبر في الحال.

وهذا المقال نعم المقال لو ثبت أن المراد بصيغة المضارع أبدا معنى الحال بمعنى حال العامل وبالماضي مع «قد» المقرب من زمان العامل، ولا وثوق مع هذه الدعوى بمجرد أن النحوي ادعى التزام قد فليكن الحق مع من لم يجعله ملتزما فربما تكون الحال مع قد لتقريب الماضي من زمان الحال، وحينئذ يكون هي وعاملها مقربين بالحال، وتارة تكون على مضيها فلا تكون مع قد، هذا ثم يرد أنه لما قربها قد من زمان الحال، وحصلت المقارنة يجب أن يمتنع الواو إلا أن يقال:

فرق بين ما هو عارض وبين ما هو لذاته فإن قلت: قول أبي العلاء:

أصدّقه في مرية وقد امترت ... صحابة موسى بعد آياته التّسع

يشهد على اشتراط المقارنة في الحال، وكذلك قوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً (١) قلت: يتكلف في أمثالهما لتحصيل المقارنة بتأويل الحال بقولنا: والقصة هذه، والقصة قصة أزلا وأبدا أو بقولنا: ومعلوم ذلك والعامل مقارن بزمان العلم (وأما المنفي فلدلالته على المقارنة دون الحصول أما الأول فلأنّ «لما» للاستغراق) أي: لامتداد النفي من حين الانتفاء إلى حين التكلم نحو: ندم زيد ولما ينفعه الندم، أي: عدم نفع الندم متصل بحال التكلم (وغيره) أي: غير «لما» مثل «لا» «ولم» (لانتفاء متقدم) على زمان التكلم (مع أن


(١) البقرة: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>