للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البين وجرى مجرى أن تقول: جاءني زيد وعمرو يسرع بإيراد جملة مخالفة للأولى في المسند إليه والمسند، ثم تزعم أنك لم تستأنف كلاما ولم تبتديء للسرعة إثباتا.

وعلى هذا فالأصل والقياس أن لا تجيء الجملة الاسمية إلا مع الواو، وما جاء بدونه فسبيله سبيل الشيء الخارج عن القياس والأصل بضرب من التأويل ونوع من التشبيه؛ وذلك لأن معنى كلمته: فوه إلى في مشافها، وجاء زيد حاضراه الجود والكرم بمنزلة حاضره الجود والكرم بسبب تقديم الخبر، أي:

حاضرا عنده الجود والكرم، ويجوز أن يكون جميع ذلك على إرادة الواو كما جاء الماضي على إرادة «قد».

هذا كلامه مع أدنى توضيح، فاستفاد منه الشارح أن الجملة الاسمية مطلقا يجب فيها الواو، والوجوب في جملة مبتدأها اسم صريح آكد، حيث جعلت مشبها بها، وأن الجملة الاسمية مطلقا لا يترك فيها الواو إلا بالتأويل بالمفرد، وقال:

وافقه الكشاف على ذلك، وتبعه السيد السند، وجعل نقل المصنف مختلّا في تخصيص وجوب الواو بالضمير.

وقال السيد: الحق أن الظاهر الموضوع موضع المضمر في حكمه فلا تفاوت بين جاء زيد وهو يسرع أو وزيد يسرع.

أقول: لو لم يكن الحكم مختصّا بالضمير لم يكن لتخصيص الحكم بالضمير معنى فالحكم على خصوص الضمير من الشيخ ينبيء عن تخصيصه به.

وأما تشبيه الضمير في استيناف الحكم بالظاهر فلأن الاستئناف فيه أظهر؛ لأنه جعل السابق مقطوع النظر حيث لم يذكر مقتضاه من الضمير، وأيضا استئناف الحكم في: جاء زيد وعمرو يسرع أظهر من وهو يسرع؛ فلذا جعل مشبها به له في استيناف القصد إلى الإثبات، لكنه أبعد مما جعل فيه المبتدأ اسما ظاهرا عن التأويل بالمفردة؛ إذ عند عدم القصد إلى الاستيناف لا وجه لذكر الضمير في نحو: جاء زيد وهو يسرع، دون الاكتفاء بقوله: يسرع، ولذكر الظاهر وجه، ولو كان في موضع الضمير؛ لأن إليه داعيا لا محالة فلا مجال لعدم قصد الاستيناف في المبتدأ الضمير فلا بد من الواو وللربط بخلاف المبتدأ الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>