للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواو، وكيف لا وجواز التقدير بالمفرد لا يوجب امتناعها؛ إذ يكفي لجوازها إمكان تقدير الماضي، وجعل الجملة الاسمية، والحق جواز تقدير الجملة الاسمية وفعلية ماضوية ومضارعية، فكثرة ترك الواو للاسمية والإفراد والمضارعية، ومجيء الواو لاحتمال الاسمية والماضوية.

هذا ونحن نقول: يمكن إتمام ما ذكره المصنف بضميمة أن المبتدأ والمنعوت أدعى للخبر والنعت من ذي الحال للحال؛ ولذا كان احتياج الجملة الحالية إلى الربط أشد فأصالة الإفراد فيها آكد، ومع ذلك يحتاج في تقديرها اسمية إلى خلاف أصل هو تقديم الخبر، فتقدير الظرف فيها جملة يحتاج إلى مزيد مؤنة، فالوجه تقديره مفردا ولولا مجيئه قليلا بالواو لم يقدر جملة فتقدير الفعل مع أنه خلاف الأصل لتصحيح الواو وتقدير الماضي مع «قد» مرجح على جعل الجملة اسمية؛ لأنه يجوز في ترك الواو من غير ترجيح الذكر، ومن غير ارتكاب تقديم الخبر.

(ويحسن الترك) ولقد أعجب حيث ختم بحث التذنيب بمحسن الترك كما ختم بحث الأصل بمحسن الوصل أي: يحسن ترك الواو في الجملة الاسمية (تارة لدخول حرف) من نواسخ المبتدأ (على المبتدأ كقوله) أي: الفرزدق:

(فقلت عسى أن تبصريني ... كأنّما بني حواليّ الأسود الحوارد) (١)

أي: الغواضب من حرد إذا غضب فقوله بني الأسود جملة اسمية وقعت حالا من مفعول تبصريني، ولولا دخول كأن عليها لم يحسن ترك الواو، وحوالي بمعنى في أكنافي حال من بني لما في حرف التشبيه من معنى الفعل، وإنما حسن ترك الواو؛ لأنه جعل الجملة في معنى مشبها بني بالأسود الحوارد.

(وتارة لوقوع الجملة) الاسمية الحالية (تعقب مفرد) الأولى مفردة؛ ليخص الحال ولا يشكل بجاءني زيد وأبوه قائم، وينبغي أن يقيد الوقوع بأن يكون لا بطريق العطف؛ لأن ترك الواو فيه واجب كما نص عليه الكشاف.

(كقوله) أي: قول ابن الرومي:


(١) انظر البيت في الإيضاح: ١٧١. الحوارد: من حرد إذا غضب، والبيت لهمام بن غالب، المعروف بالفرزدق يخاطب امرأة عذلته في اعتنائه ببنيه، وقيل: إنه يقول ذلك لامرأته حين قالت له: ليس لك ولد، وإن مت ورثك قومك.

<<  <  ج: ص:  >  >>