للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقصودهم، ويرد أن الكلام في الفضل بحسب البلاغة وعدم الاطراد ينافي الصدق، ولا ينافي البلاغة، فالأولى وبالنص على المقصود؛ لأن مرادهم القتل في مقابلة القتل، ولفظ القتل ليس نصا فيه بخلاف القصاص، فإنه نص فيما قصد به (أو خلوه عن التكرار) بخلاف قولهم: فإنه يشتمل على تكرار القتل، والخلو من التكرار فضيلة، وأورد عليه أن فيه رد العجز على الصدر، وهو يوجب حسنا، ودفعه الشارح أن التكرار من حيث هو تكرار منقصة، وفضيلة من حيث إنه رد العجز على الصدر وليس بشيء، لأنه يعارض خلوه عن التكرار ما يلزم التكرار من رد العجز على الصدر، فلا يصير سببا للترجيح لوجود المعارض نعم في كونه رد العجز على الصدر بحث، وهو أنه في النثر أن يكون أحد اللفظين في أول الفقرة والآخر في آخرها، وفي كون قولهم فقرة بحث (أو استغنائه عن تقديم محذوف) بخلاف قولهم: فإنه يحتاج إلى تقدير المفضل عليه.

قال المصنف: أي: القتل أنفى من تركه؛ ولا يخفى أن الترك لا ينفى القتل، حتى يصلح لأن يكون مفضلا عليه، فالمراد أنفى من كل زاجر، ويتجه عليه احتياج في القصاص إلى متعلق فلا يستغنى عن الحذف.

والجواب ما عرفته (والمطابقة) أي وباشتماله على صنعة المطابقة، وهي الجمع بين المتضادين عن القصاص والحيوة، وفيه أن القتل ونفيه أيضا متضادان، ومنهم من زاد في وجوه الترجيح ما فيه من الغرابة من جعل القصاص الذي ينافي الحياة منشأ لها، ولم يلتفت إليه المصنف، ولقد أحسن وإن ذكره في الإيضاح، لأنه مشترك لأن في قولهم أيضا جعل القتل سببا لانتفائه، ورجّح أيضا بما فيه من السلاسة لسلامته عن توالي الأسباب الخفيفة لتوالي متحركين فيه كثيرا، بخلاف قولهم فإنه لم يتوال المتحركان فيه إلا مرة، ورجّح أيضا بتقديم المسند للاختصاص مبالغة، ورده الشارح بأن التقديم على المبتدأ المنكر لا يفيده ويرد نصهم على التخصيص في قوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ (١) إلا أن يقال: أراد المنكر الصرف وبعد فيه أنه لا تزاحم في النكات، فليكن تقديم الخبر الصحيح المبتدأ


(١) الصافات: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>