الحسناء في لباسين، وفيه توجه العقل إلى المعنى ومشاهدته بعين الرغبة ما لا يخفى.
وقال الشارح: فيهما علمان، والعلمان خير من علم واحد هذا، وقولهم:
علمان خير من علم واحد مثل يضرب في مدح المشورة والبحث.
قال الميداني: أصل قولهم: علمان خير من علم واحد، أن رجلا وابنه سلكا طريقا فقال الرجل: استبحث لنا طريقا فقال: إني عالم، قال: يا بني علمان خير من علم واحد يضرب في مدح المشورة والبحث، كذا ذكره في شرحه للكشاف في تفسير: تلك عشرة كاملة، فقوله: والعلمان الصحيح فيه وعلمان.
ومن فوائد الإيضاح بعد الإبهام تسهيل الفهم والحفظ؛ إذ المبهم لو جازته أقرب إلى الحفظ، والموضح أقرب إلى الفهم، وفي كل من تلك الوجوه أنه لا يفيد إلا الجمع بين المبهم والموضح، بل لا يفيد إلا الجمع بين بيانين ولفوت وجه الإيضاح بعد الإبهام، وإنما يتكفله ما ذكره بعد ذلك من قوله:(أو ليتمكن في النفس فضل تمكن) وما يعقبه فعليهما التعويل، وإنما يوجب فضل التمكن؛ لأن ورود المبهم يوجب توجه النفس إليه، والسعي في تحصيله فيقع الإيضاح في أن ذلك التوجه التام فيحفظ كل الحفاظ فلا حاجة إلى ما قال الشارح من أن النفس جبلت على أن يكون المبين بعد الإبهام أوقع فيها من المبين أولا (وليكمل لذة العلم به).
قال المصنف: وذلك لأنه يكون الإيضاح علما ولذة عقيب ألم الجهل الذي في الإبهام؛ لأن الإبهام علم مخلوط بجهل تتألم النفس منه، وتسعى في النجاة عنه فإذا علم غير ممتزج بالجهل حصل له لذة العلم ولذة النجاة عن الألم، وفيه أنه لا معنى لإيلام النفس قبل إيراد اللذة عليها؛ ليكون مع اللذة لذة النجاة عن الألم فالوجه أن هناك لذتين: لذة العلم على وجه الإبهام، ولذة العلم على وجه الإيضاح، وليس لك أن تقول: كمال لذة العلم باعتبار أن العلم بالإيضاح غير مشوب بألم الجهل كالعلم مع الإبهام؛ لأنه لا يوجب إيراد المبهم بل يقتضي الاكتفاء بالإيضاح، وفي الإيضاح أو لتفخيم الأمر وتعظيمه، وكأن وجهه أن لا طريق إلى إدراك العظماء دفعه، بل لا بد في الوصول إليهم من التدريج، وذكر في