للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: دفع ما يتضرر به كما في هذا البيت، فإنه دفع ضرر جهنم القلب بنداء المحبوبة التي هي الجنة، ويحتمل أن يكون المقصود التنبيه على أن شفاء هذا الداء المحبوبة كما أن النجاة عن جهنم بالجنة.

ومنها: بيان السبب لأمر فيه غرابة كما في قوله:

فلا هجره يبدو وفي اليأس راحة ... ولا وصله يصفو لنا فنكارمه (١)

فإن كون هجر الحبيب مطلوبا أم غريب فبين سببه، وهذا لا ينافي ما قيل إنه جواب سؤال؛ لأن بيان السبب يجوز أن يكون للسؤال المقدر.

(وقال قوم: قد تكون النكتة فيه غير ما ذكر) الأوضح دفع الإبهام (ثم) افترقوا فرقتين (جوز بعضهم وقوعه آخر جملة) لا في أثناء جملة (لا تليها جملة متصلة بها) فلا يكون بين كلامين أيضا، وقد تبعهم الكشاف في مواضع (فيشمل) الاعتراض بهذا التفسير (التذييل) كلها (وبعض صور التكميل) وهو أن يكون لجملة لا محل لها من الإعراب كما في قول الحماسي:

وما مات منّا سيّد في فراشه ... ولا طلّ منّا حيث كان قتيل (٢)

فإن المصراع الثاني تكميل؛ لأنه لما وصف قومه بشمول القتل لهم أوهم ذلك ضعفه فأزاله بوصفهم بالانتقام من قاتليهم، وشمول الاعتراض جميع صور التذييل يوجب أن يعتبر فيه أن لا يكون له محل من الإعراب فتفسيره كان قاصرا.

(وبعضهم) عطف على فاعل جوز كما أن (كونه غير جملة) عطف على مفعوله، وهل جوزوا أن يكون جملة لا محل لها من الإعراب الظاهر؟ نعم ولو قال: كونه غير الجملة بلام العهد لشمل جملة لا محل لها من الإعراب بلا خفاء فتأمل.

(فيشمل) الاعتراض بهذا التفسير (بعض صور التتميم و) بعض صور (التكميل) وهو ما كان بين الكلام أو الكلامين المتصلين معنى، وفي الإيضاح أنه يشمل ما كان كذلك من التتميم والتكميل، ولا يكون له محل من الإعراب جملة


(١) انظر البيت في الإيضاح: ١٩٨، والبيت للرماح بن أبرد المعروف بابن ميّادة، واليأس قطع الأمل من وصله، وقوله: «فنكارمه» بمعنى نبادله التكرم بالوصل. انظر بغية الإيضاح (٢/ ١٤٩).
(٢) البيت أورده القزويني في الإيضاح: ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>