للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تامة، والاشتراط مفيد، فهذا مراد القوم في مقام التقسيم ولم يبحثه المتأخرون، فظن التعريفات مختلفة فأصلحوها بزيادة قيود وأخلوا إخلالا كثيرا، ولا يستبعد؛ فإن هذا ليس أول قارورة كسرت في الإسلام، وكثيرا ما ينجبر المكسورة من العظام بأيدي أضعف الأنام إذا تأيد بإنعام الحق والإكرام.

ولا يجاب بأن اللفظ المشترك لا يتحقق فيه دلالتان؛ إذ بتوقف الدلالة على إرادة المتكلم على قانون الوضع، ولا يصح إرادة المعنيين معا باللفظ؛ ولهذا لا يدل اسم الإشارة وأخواته على الموضوع لها أبدا؛ لأنها وضعت ليستعمل في فرد معين أبدا على ما زعموا فلو أريد بها الموضوعة هي لها لم يفهم؛ إذ ليست الإشارة على قانون الوضع فاللفظ أبدا يدل على معنى واحد، فإن كان تمام الموضوع له فمطابقة، وإن كان جزؤه فتضمن، وإن كان الخارج فالتزام لا؛ لأن توقف الدلالة على الإرادة باطل؛ لأنا قاطعون بأنا إذا سمعنا اللفظ وكنا عالمين بالوضع يتعقل معناه، سواء أراده اللافظ أو لا.

ولا نعني بالدلالة سوى هذا إذ التوقف حق؛ لأن دلالة اللفظ الوضعية إنما هو بتذكر الوضع، وبعد تذكر الوضع يصير المعنى مفهوما لتوقف التذكر عليه، فلا معنى لفهمه من اللفظ إلا فهمه من حيث إنه مراد المتكلم، والتفات النفس إليه بهذا الوجه، نعم الإرادة التي هي شرط أعم من الإرادة بحسب نفس الأمر، ومن الإرادة بحسب الظاهر، ومن هذا تبين أن الدلالة تتوقف على الإرادة مطابقة كانت أو تضمنا أو التزاما، وجعل المطابقة مخصوصة به تصرف من القاصر لسوء فهمه، بل لأن انتقاد بعض التعريفات ببعض الدلالات لا يتوقف على اجتماع الدلالتين؛ إذ اللفظ المراد به تمام ما وضع له من حيث إنه تمام ما وضع له يصدق على دلالته عليه أنه دلالة اللفظ على جزء ما وضع له إذا كان ذلك اللفظ مشتركا بين الكل والجزء، ويكون ذلك المعنى جزءا مع أنها مطابقة، ولأن إرادة المعنيين باللفظ قد يتحقق على قانون الوضع كما في الكناية، فإنه يراد به الموضوع له للانتقال إلى لازمه المراد به أو جزئه المراد به.

فإن قلت: توقف الدلالة على الإرادة يستدعي أن لا يجتمع المطابقة والتضمن والالتزام مثلا، وقد تقرر فيما بينهم، إذ التضمن والالتزام يستلزمان

<<  <  ج: ص:  >  >>