غيره، شرطا للدلالة الالتزامية؛ إذ يوجد مع كل منهما بدون الآخر، فلا يصح أن أحدهما أولى بكونه شرطا من الشرط الآخر، بل الشرط مطلق اللزوم الذهني، ولا مدفع له لو لم تحصل بأن قوله: ولولا اعتقاد المخاطب لوصول بجزاء معنى الشرط، أي: بجعل الدلالة الالتزامية باللزوم الذهني، ولولا اعتقاد المخاطب بعرف أو بغيره.
قال الشارح: ولم يشترط في الالتزام اللزوم الذهني لنفس المسمى مطلقا، لأنه لو اشترط ذلك؛ لخرج كثير من معاني المجازات والكنايات عن أن يكون مدلولا التزاميا، بل لم يكن دلالة الالتزام مما يتأتى فيه الوضوح والخفاء.
قال السيد السند (١): فيه بحث؛ لأن لازم الشيء وإن كان لازما له لكن دلالة اللفظ على لازمه أظهر من دلالته على لازم لازمه؛ لأن الذهن ينتقل من اللفظ إلى ملاحظة الملزوم أولا وإلى ملاحظة اللازم ثانيا، وإلى ملاحظة لازم اللازم ثالثا، فبسبب ترتيب هذه الملاحظات ولو بالذات تتفاوت الدلالات، وأيضا ينتقض هذا الحكم بالدلالة التضمنية.
هذا، فإن قلت: ما ذكره من الترتيب بين اللوازم إنما يتم لو لم يكن تصور اللازم مما يتوقف عليه تصور المسمى كما في العمى؛ فإن تصور المسمى يتوقف على تصور البصر، وأما إذا توقف فالترتب على عكس ما ذكره.
قلت: هذا لا يضره فيما هو بصدده؛ لأنه يكفيه ترتب المعاني في تأتي الوضوح والخفاء، ولا حاجة له إلى ترتب ذكره، ولو حفظ الترتب المذكور، لكفى تحققه في بعض اللوازم وتحقيق المقام سيأتي فانتظر.
(والإيراد المذكور لا يتأتى) أي: لا يتهيأ (بالوضعية؛ لأن السامع إذا كان عالما بوضع الألفاظ) أي: بوضع جميع الألفاظ التي هي الطرق المختلفة في الوضوح للمعنى الواحد، الذي هو للكلام الذي روعي فيه المطابقة لمقتضى الحال (لم يكن بعضها) أوضح لاستواء الجميع في الدلالة (وإلا) أي: وإن لم يكن عالما بوضع جميع الألفاظ، سواء كان عالما بوضع البعض أو لا (لم يكن كل واحد دالا عليه) لأنه لا بد في العلم بوضع الجميع من العلم بوضع كل واحد، وفيه