للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التضمن والالتزام.

وأما ثانيا: فلأن القول باستلزام المطابقة التضمني فيما تركب معناه وإبطالا الانتقال من الموضوع له إلى الجزء كلام أهل الميزان، فلا ينافي ما ذكره الشارح في توجيه كلام أرباب البيان.

وأما ثالثا: فلأن الدلالة التفصيلية على الجزء ليست دلالة عند أهل الميزان؛ لأنها ليست دائمية بخلاف علماء البيان، فإن الدلالة في الجملة عندهم معتبرة فينبغي أن يكون دلالة تضمنية، ويكون التضمن عندهم أعم، فيكون توجيه كلام الشارح بأنه أراد بقوله التضمن هو فهم الجزء وملاحظته بعد فهم الكل، أن التضمن المعتبر عند القوم؛ لأن المعتبر عندهم من الدلالة على المراد، ولا يخفى عليك أن الدلالة على الجزء من حيث هو مراد إنما هو بالقرينة، فاختلاف الدلالة التضمنية وضوحا وخفاء لا يقتصر على ما ذكره من الدلالة على الجزء، والدلالة على جزء الجزء، بل ربما يكون بتفاوت القرائن وضوحا وخفاء.

ومما ينبغي أن لا يفوت، وأورد الشارح أنه يخرج من تعريف البيان البحث عن المجاز المفرد وهو معظم مباحث البيان وكثير من أقسام الكناية لأنها في المعاني الإفرادية؛ إذ قد مر أن المراد بالمعنى الواحد معنى الكلام الذي روعي فيه المطابقة لمقتضى الحال، وأجاب عنه بأن تفاوت الكلام في الوضوح والخفاء بتفاوت دلالة الأجزاء على معانيها، فالإيراد المذكور لا يتأتّى إلا بمعرفة المفردات.

ولك أن تقول: مرادهم بمعنى الكلام الذي روعي فيه المطابقة لمقتضى الحال أعم من المعنى المطابقي، والمعنى التضمني والمعنى الالتزامي، فحينئذ مباحث المجاز المفرد مثلا مقاصد بالذات، لا بالتبع وإيراد المذكور في الدلالات العقلية لا يتوقف على ما ارتكبوه من المؤن، حتى لو كان اللوازم الذهنية الثلاثة والأجزاء كلها في مرتبة من الوضوح لكفى في اختلاف مراتب الوضوح في الدلالات العقلية تفاوت الدلالات الالتزامية العرفية أو الاصطلاحية أو المتبعة على التأمل في القرائن، إلا أنهم أرادوا تحقيق الحق في الغاية أن تأتي (ثم اللفظ المراد به) أشار بكلمة ثم إلى الانتقال من بحث إلى آخر؛ فإنه انتقل من تعريف البيان، وتحقيق التعريف إلى تعيين ما يبحث عنه في الفن، وأشار إلى أن ما سبق مقدمة لتعيين

<<  <  ج: ص:  >  >>