للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشبه به أو الجزء أو الكل إلى غير ذلك؛ لأن جميع ذلك يرجع إلى اللازم بمعنى السالف.

بقي هاهنا أنه فات قيدان لا بد منهما، وبدونهما يختل تعريف كل من المجاز والكناية، أحدهما: قيد اصطلاح التخاطب حتى ينتقض تعريف الكناية بلفظ استعمل فيما وضع له في اصطلاح التخاطب، وهو غير ما وضع له في اصطلاح آخر فإنه لا ينصبّ هنا قرينة على عدم إرادة ذلك الموضوع له، وحد المجاز بلفظ مشترك بين لازم وملزوم فإنه يصدق عليه علم إذا استعمل في أحد معنييه أنه اللفظ المراد به لازم ما وضع له مع قرينة مانعة عن إرادة ما وضع له، ويمكن أن يدفع بأن المراد اللفظ المراد به لازم ما وضع له من حيث إنه لازم ما وضع له.

وثانيهما: قيد على وجه يصح؛ لئلا يدخل في تعريفهما ذكر الأب وإرادة الابن، فإنه لا يصح مع الملزوم منهما فهو غلط، واللفظ المراد به لازم ما وضع له بعلاقة لم يعتبر نوعها، واللفظ المراد به لازم ما وضع له، إذا جرى على اللسان سهوا، واللفظ المراد به المشبه مع عدم ادعاء دخوله في جنس المشبه به، فإن ذلك غلط لا يعد من المجاز ولا الكناية.

(وقدم) أي: المجاز (عليها) أي: على الكناية (لأن معناه كجزء معناها) المقصود وجه التقديم في البحث، لا في التقسيم، فالتقديم في التقسيم لتقدمه في البحث على أن مفهومه وجودي، ومفهومها عدمي، وإنما قال كجزء معناها؛ لأنه لم يرد بالكناية المعنيان، بل تجوز الإرادة، فنزّل الجواز منزلة الوقوع، وبهذا التنزيل صار جزءا فهو كالجزء فيه، ولأن معنى المجاز من حيث هو مدلول المجاز ليس جزء مدلول الكناية من حيث هي مدلول الكناية، ومن وجوه تقديمه أنه أهم لكثرة مباحثه، ومزيد دقائقه، وكثرة مباحث ما يتوقف عليه، ويبتني عليه، وأنه أبعد عن الحقيقة التي لا يبحث مزيد في الفن بخلاف الكناية، فإن له شبها بالحقيقة فاعرفه.

(ثم) أشار بكلمة ثم إلى التفاوت بين المجاز والكناية والتشبيه في أن التشبيه غير مقصود بالذات في الفن بخلافهما، وقد أشار بقوله: فانحصر في الثلاثة إلى أمر آخر، وهو ضبط أبواب الفن إجمالا، وهو أيضا من مقدمات الشروع.

<<  <  ج: ص:  >  >>