للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلاف الحركات يجامع سقوط الجميع معا، وقال بعضهم:

يفوت ما يفيده صيغة المضارع من استحضار الصورة العجيبة المستفاد من جعل الماضي في معرض الحال، وقيل: يفوت الاستمرار التجددي المفاد بصيغة المضارع المناسب للمقام، وفي هذين القولين أنه فوت لطيفة لا يذكر في أثناء شرحه لا إخلال بكثير من لطائف يذكر فيه، ونحن نقول ليل تهاوى كواكبه، يفيد وصفه الليل بالخلو عن الكواكب، فيلزم تشبيه مثار النقع والسيوف بالليل الخالي عن الكواكب، بخلاف ليل تتهاوى (كواكبه)] (١) فإنه يفيد وصفه بكونه والكواكب يسقط بالتدريج المنطبق على وجود الليل يحكم به ذائقه لا يفوتها دقائق فحاوي البيان، وحقايق تطاوي التبيان كواكبه أي كواكب له؛ لأن سقوط السيوف وارتفاعها إنما يكون لطائفه طائفة منها، لا لواحد فواحد، فهذا مفهوم الجمع الاستغراقي بمعنى كل جمع جمع وإسناد المضارع الاستمراري.

(من الهيئة) بيان لما في قوله: كما (الحاصلة من هوى) قال الشارح: بفتح الهاء، ونحن نقول: الأظهر ضم الهاء؛ لأن الهوى بالضم السقوط من علو إلى سفل، والهوى بالفتح إما كالهوى بالضم، وإما مقابل له فتخصيصه بالإصعاد، كتخصيص الضم بالانحدار على ما حققه القاموس (أجرام) أي: أجسام، وقد يعارف الجرم في الجسم العلوي، كما تعارف الجسم في السفلي (مشرقة مستطيلة متناسبة المقدار، متفرقة في جوانب شيء مظلم) فوجه الشبه مركب كطرفيه، لكن التركيب أعجب مما يفيده بيان المصنف؛ لأنه دخل في هذا التركيب اختلاف حركات بالسرعة والبطء، وبالجهات وبالاعوجاج والاستقامة والارتفاع والانخفاض وتلاقي تلك الأجرام وتداخلها، وتصادم بعضها وبعضها، كما هو شأن تهاوي الكواكب طائفة في إثر طائفة على ما نقل من أسرار البلاغة للشيخ، فإنه قال: نبه على جميع ذلك بكلمة واحدة، وهي قوله تهاوى، وقد عرفت وجهد، وأنه لو كان ماضيا لم يفده وليس مرادهم أن عبارة البيت لا يحتمل إلى تشبيه المركب بالمركب في مركب، بل لا ينكر أن مثله يحتمل التشبيهات المتعددة المتفرقة، والتشبيه الواحد إما تشبيه مركب بمركب كما عرفت، وإما تشبيه مثار


(١) البيت لبشار بن برد في ديوانه ١/ ٣١٨، والإيضاح: ٢١٣، والمصباح: ١٠٦، ويروى: (رءوسهم) بدل (رءوسنا). تهاوى: تتساقط، وخفف بحذف إحدى التاءين.

<<  <  ج: ص:  >  >>