للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيد ما ذكرنا ما قال الشيخ: كل هيئة من هيئات الجسم في حركاته إذا لم يتحرك إلى جهة واحدة فمن شأنه أن يفر ويندر، وكلما كان التفاوت في الجهات التي يتحرك إليها أبعاض الجسم أشد كان التركيب في هيئة المتحرك أكثر.

(بخلاف حركة المصحف في قوله) أي: قول ابن المعتز [(وكأنّ البرق مصحف قار) اسم فاعل من قرأ، حذفت همزته بعد قلبها لانكسار ما قبلها، كما قلب في بادي الرأي، لذلك كما ذكر في التفسير (فانطباقا مرّة وانفتاحا)] (١) أي ينطبق انطباقا مرة وينفتح انفتاحا مرة، إلا أن يكون الانطباق والانفتاح في البرق سريعا دون مصحف القارى، إلا أن يندم القارى عن القراءة فيجعله منطبقا عقيب الانفتاح، فالمصحف يتحرك إلى العلو في الانطباق وإلى السفل في الانفتاح من لطيف ذلك قول الشاعر في صفة الرياض:

حفّت بسرو كالقيان تلحّفت ... خضر الحرير على قوام معتدل

فكأنّها والرّيح جاء يميلها ... تبغي التّعانق ثمّ يمنعها الخجل (٢)

السرو: اسم جنس، يطلق على القليل والكثير، والقيان: ككتان جمع قنية كرحمة، وهي الجارية مغنية كانت أو غيرها، والتلحف: أخذ الشيء لحافا، والقوام: القامة وحسن الطول، والخجل كالفرس، التحير والدهش من الاستحياء، ومقتضاه أن يكون معتد لا على وزن اسم المفعول مصدرا ميميا فيكون مبالغة في وصف القامة بالاعتدال.

(وقد يقع التركيب) أي: التركيب في الطرف كان أو في الوجه، والأشبه أن يجعل اللام للعهد إشارة إلى التركيب البديع، ويؤيده أنه قال في الإيضاح:

ومن لطيف ذلك قول أبي الطيب، وأشار بكلمة قد إلى قلته؛ نظرا إلى التركيب في الحركات (في هيئة السكون كما) أي: كتركيب (في قوله) أي: قول أبي الطيب، وهذا هو الوجه دون قول الشارح كما أي كوجه الشبه الذي في قوله بشاهد سوق التركيب، وبيان المصنف لكلمة ما، فإنه ذكر في بيانه تركيب المشبه، لا وجه الشبه، إذ الإقواء والهيئة الحاصلة من موقع كل عضو من الكلب


(١) انظر البيت في الإيضاح: ٢١٥.
(٢) البيتان لابن المعتز أو الأخيطل الأهوازي الملقب ببرقوقا، وهما في الإيضاح: ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>