للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ (١) استعمل الأصابع في الأنامل؛ إذ ما يجعل في الأذن أنملة السبابة، هذا إذا أريد بأصابعهم تقسيم الجمع على الجمع كما هو المشهور.

أما لو أريد جعل كل منهم أصابعه في أذنه، ففيه ذكر الأصابع الخمس وإرادة أنملة، وفيه مزيد مبالغة كأنه جعل جميع الأصابع في الأذن، لئلا يسمع من الصواعق شيئا (وتسميته) أي: ومنه تسمية الشيء (باسم سببه نحو: رعينا الغيث) أي: النبات الذي سبّبه الغيث (أو مسببه) لم يقل: وعكسه تفننا، وكذا ذكر الواو في الأقسام تارة، وذكر أو أخرى (نحو: أمطرت السماء نباتا).

وشرط بعض في المسبب أن يكون غاية، فحينئذ يكفي ذكر تسمية الشيء باسم سببه، وأورد في الإيضاح من أمثلة تسمية السبب باسم المسبب قولهم: فلان أكل الدم.

قال الشارح: وظاهر أنه سهو؛ لأنه من تسمية المسبب باسم السبب؛ إذ الدم سبب الدية، والعجب أنه قال في تفسيره: أي الدية المسببة عن الدم.

هذا، ويمكن توجيه كلامه بأنه جعل الدية داعية إلى القتل، حتى لو لم يمكن رجاء النجاة بالدية لم يقدم القاتل بالقتل، ولا تنافي بينه وبين تفسيره؛ لأن المعلول من وجه قد يكون علة من وجه.

ألا ترى أن الغاية مسببة عن ذي الغاية فأشار إلى بيان مسببية الدية عن الدم، يعني أنها مسببة عنه؛ لأنه سببها في الخارج فلا تعجب من المصنف، وتعجب من الشارح، ثم تعجب؛ ولأنك معجبا برأيك الصالح، فإن الله هو الواهب الفاتح. (أو ما كان عليه) أي: تسمية الشيء باسم الشيء الذي كان هو عليه في الزمان الماضي (نحو: وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ (٢) اليتيم واليتمان في الإنسان من لا أب له، ما لم يبلغ الحلم.

وفي البهائم ما فقد الأم قبل استغنائه من الأم.

وإيتاء اليتامى أموالهم بعد الحلم، وهم ليسوا بيتامى حينئذ، فإطلاق اليتامى


(١) البقرة: ١٩.
(٢) النساء: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>