الآخرين أي: اجعل لي لساني متكلما بكلمات صادقة باقية في الآخرين بأن لا ينسى ولا ينقطع ولا يحرف.
ولا يذهب عليك أن العلاقة بتفصيلها معتبرة في الكناية أيضا؛ إذ لا فرق بين الكناية والمجاز عند المصنف إلا بامتناع المعنى الحقيقي في المجاز دون الكناية.
فإن قلت: كل من العلاقات لا يستلزم اللزوم، وقد سبق في مقدمة الفن أن كلا من المجاز والكناية لفظ أريد به لازم معناه.
قلت: لم تشترط العلاقة لتفيد اللزوم؛ إذ المعتبر اللزوم، ولو بالتأمل في القرينة، فلا يتوقف على العلاقة. فإن قلت: قد دل ما سبق على أن يذكر الملزوم وإرادة اللازم تحقق المجاز والكناية، فينبغي أن لا يتوقف على العلاقة.
قلت: ما سبق قاصر يجب أن يعتبر فيه ما يتم به.
فإن قلت: إذا اكتفى بالعلاقة واللزوم في الجملة، فأوجه اشتراطهم في الجزء أن يكون ملزوما للكل كالرقبة والرأس حتى لم يجوزوا إطلاق اليد على الإنسان.
قلت: ما سبق قاصر تجب العلاقة الجزئية بهذا الوجه لا مطلقا، لكن ينبغي أن يعلم أن مرادهم بكون الجزء ملزوما ليس كونه ملزوما بالمعنى المعتبر عند المصنف في المجاز والحقيقة، بل كونه متبوعا للكل حتى لا يوجد الكل بدونه؛ حيث قالوا: إن الرقبة ملزومة للإنسان؛ لأن الإنسان لا يوجد بدونها، بخلاف اليد، وهذا معنى الملزوم عند علماء البيان.
فإن قلت: ما من جزء إلا وشأنه أن الكل لا يوجد بدونه. قلت: هذا مشكل وإن أجابوا عنه بأن مبنى هذا على العرف فإن بعض الأجزاء مما لا يمنع فوته إطلاق اسم الكل عرفا كاليد، فإنها مع انتفائها يسمى الشخص إنسانا بخلاف الرأس؛ لأن العرف جعل الكل المسمى بالإنسان ما لم يعتبر فيه اليد مثلا، لا أنه مع اعتباره جزء جوز وجود الإنسان بدونه، وأطلق الإنسان.
ومما وقع للشارح المحقق في هذا المقام أنه اشتبه عليه الملزوم بهذا المعنى بالملزوم بمعنى سبق فاستعمله في تصحيح تحقق الملزوم بالمعنى السابق مع العلاقات.
فتمكن، ولا تتبع الزلة، وإن كنت مغلوبا خذ بربقة التقليد، فإنه ليس شأن من له فطنة ما إنما هو شأن بليد أي بليد.