ولا يصح أن يجعل معنى تعريف المجاز: الكلمة المستعملة في غير ما هي موضوعة له، من حيث إنه غير ما هي موضوعة له؛ لأن استعمال المجاز في غير الموضوع له ليس من حيث إنه غير الموضوع له، بل من حيث إنه متعلق الموضوع له بنوع علاقة، مع قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له؛ فلهذا لم يترك التقييد باصطلاح به التخاطب في تعريف المجاز. وفيه بحث، وهو: أنه لو أريد بقوله:
المستعملة فيما وضعت له، من حيث إنه ما وضعت له أن كونه موضوعا له علة مستقلة للاستعمال، فلا يستقيم؛ لأن استعمال المتكلم اللفظ فيما وضع له لأجل أنه موضوع له، والمخاطب عالم بالوضع، وإن اكتفى في الحيثية التعليلية بمجرد أن لها مدخلا فلا خفاء في مدخلية كون الشيء غير ما وضع له في استعمال المجاز، إلا أنه لا يكفي، بل لا بد من ضميمة التعلق، مع كونه غير هذا.
قال في الإيضاح: ثم تعريفه للمجاز يدخل فيه الغلط كما تقدم، يريد ما تقدم من أنك تقول لصاحبك: خذ هذا الفرس مشيرا إلى كتاب بين يديك، وأنت تريد أن تقول: خذ هذا الكتاب، فغلطت.
وأجيب تارة: بأن الغلط لا ينصب قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له، وردّه الشارح بأن إشارته إلى الكتاب قرينة مانعة.
وفيه: أنه لو كانت هذه قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له لم تعد المخاطب ساهيا، بل هذه الإشارة قرينة مانعة عن إرادة التلفظ به، وفرق بين المانعة عن إرادة التلفظ والمانعة عن إرادة المعنى؛ لأن المانعة عن إرادة المعنى أن ينتقل الذهن منها إلى عدم إرادته، لا إلى عدم إرادة التلفظ المستتبع؛ لعدم إرادة المعنى من غير أن يلتفت الذهن إليه، وتارة بأن عبارة الحد مشعرة بأن ذكر الكلمة عن قصد، ولا قصد في ذكر الغلط.
وأجاب عنه السيد السند: بأن المراد الغلط ليس ما يكون سهوا من اللسان، بل ما يكون خطأ في اللغة صادرا عن قصد.
وفيه أنه قوله كما تقدم يتأدى أن مراده ما هو سهو.
نعم لو كان المراد ذلك لتم أن الغالط لا ينصب قرينة كما ذكره الشارح، لكن