ومن البين أنه لا اختصاص للتمثيل بالتحقيقية إلا مانع من تشبيه صورة مركبة من أمور وهمية بصورة محققة كما كان ينتزع من المخاطب الملتئمة من أمور متعددة صورة، ويتوهم مثلها للمنية؛ فكأنه ذكره في التحقيقية على سبيل القطع، واعتمد على التنبيه منه على مثله في التحقيقية على الاحتمال، وفي التخييلية.
(وردّ بأنه) أي: التمثيل (مستلزم للتركيب المنافي للإفراد) فلا يصح عدّه من الاستعارة التي هي قسم من أقسام المجاز المفرد، وإلا لزم كون مباين الشيء مندرجا تحته.
وأجيب عنه بوجوه:
أولها: ما عدّ تاما، واختاره الشارح المحقق والسيد السند، وهو منع عدم صحة عدّه من الاستعارة التي هي قسم من المجاز المفرد؛ لأن المعدود من قسم الشيء لا يجب أن يكون معدودا منه؛ لأن قسم الشيء قد يكون أعم منه من وجه، فيقال: الحيوان إما أبيض أو غيره، والأبيض أعم من الحيوان، لا يقال: هذه مسامحة والقسم الأبيض الحيوان، فالأعم من وجه قيد قيد القسم، لا القسم؛ لأنا نقول: فليكن تقسيم السكاكي أيضا من هذا القبيل.
وثانيهما: ما اختاره أيضا الشارح، وهو أن ما قسّمه السكاكي من المجاز ليس ما عرفه، وإن وقع تقسيمه عقيب التعريف، بل المجاز المعنى الأعم منه بقرينة أنه جعل من أقسامه المجاز العقلي والمجاز الراجع إلى حكم الكلمة، وهما لا يدخلان في المجاز المعرف بالكلمة المستعملة في غير ما وضعت له.
أما الأول فظاهر، وأما الثاني؛ فلأنه إما نفس الإعراب، فهو ليس بكلمة، وإما الكلمة باعتبار الإعراب فهي غير مستعملة في غير ما وضعت له.
وفيه أنه قال: المجاز عند السلف قسمان: لغوي، وهو ما تقدم، ويسمى مجازا في المفرد.
وعقلي، ويسمى مجازا في الجملة، وينقسم اللغوي قسمين: راجع إلى معنى الكلمة، وراجع إلى حكم لها في الكلام.
والراجع إلى معنى الكلمة قسمان: خال عن الفائدة، ومتضمن لها.