للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزالق.

وأما ثالثا: فلأن هذا الاعتراض يلزم على المصنف أيضا؛ لأنه فرع الاعتراف بالحقيقة والمجاز المركبين، فإذا عرف مطلق الحقيقة والمجاز وأخذ الوضع في تعريفهما، يقال: إن أريد بالوضع الوضع بالشخص إلى آخر ما ذكر، والحاصل أن هذا الاعتراض لا يرد على جعل الاستعارة التمثيلية قسما للمجاز المفرد، بل على جعله قسما للمجاز فكما يبطل به هذا الجواب يبطل به الجواب الذي اختاره الشارح وغيره.

ورابعها: أن إضافة الكلمة إلى شيء أو تقييدها واقترانها بألف شيء لا يخرجها عن أن يكون كلمة؛ فالاستعارة هاهنا هو التقديم المضاف إلى الرجل المقترنة بتأخير أخرى، والمستعار له هو التردد، فهو كلمة مستعملة في غير ما وضعت له.

قال الشارح: وهذا في غاية السقوط، وإن كان ممن هو في غاية الحذاقة والاشتهار للقطع بأن لفظ «تقدم» في قولنا: تقدّم رجلا وتؤخر أخرى مستعمل في معناه الأصلي والمجاز إنما هو في استعمال هذا الكلام في غير معناه الأصلي، أعني صورة تردد من يقوم ليذهب فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا وتارة لا يريد ويؤخر أخرى. وهذا ظاهر عند من له مسكة في علم البيان.

وخامسها: وهو أسقط من الرابع، وهو أن المراد بقول السكاكي: ومن الأمثلة استعارة وصف إحدى صورتين منتزعتين من أمور لوصف الأخرى، ومن أمثال الاستعارة ونظائرها، فلا يلزم كونه استعارة، والاستعارة المستعملة في بيانه من قبيل اللغة.

وسادسها: أنا [لانم] (١) أن التمثيل يستلزم التركيب؛ لأنه استعارة مبنية على التشبيه التمثيلي، والتشبيه التمثيلي قد يكون طرفاه مفردين، كما في قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً (٢) فإذا ترك فيه التشبيه إلى الاستعارة صار استعارة تمثيلية مفردة.

ولا يخفى أن هذا المنع لا يضر المصنف؛ لأنه يكفي كون التمثيل مركبا، ولا


(١) كذا بالأصل ولعلها اختصار «لا نسلم» وقد مرّ أمثلتا.
(٢) البقرة: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>