والممنوع هو الجمع بين المعنى ولازمه، على وجه يكونان مقصودين استقلالا، ولا مانع من الجمع على وجه يكون أحدهما تابعا للآخر، ووسيلة إلى قصده وفهمه، لكن فيه: أن استعمال كلمة «مع» في قوله: مع جواز ليس كما ينبغي؛ لأن إرادة لازم المعنى ليس تابعا لجواز إرادته معه، إلا أن يقال: إن كلمة مع تدخل على المتبوع من المتشاركين، وجواز إرادة معناه مع لازمه لم يشارك اللازم في الإرادة، فتأمل.
ومعنى قوله:«إنها تخالف المجاز من جهة إرادة المعنى الحقيقي» أن إرادة المعنى الحقيقي فارق بينهما؛ فإنها جائزة في الكناية، كما ذكره في التعريف، وممتنعة في المجاز كما دل عليه تعريف المجاز. وحينئذ لا يتجه ما ذكره الشارح أن ما به المخالفة جواز إرادة المعنى الحقيقي، مع إرادة لازمه لا إرادته.
فبين التعريف وقوله من جهة إرادة المعنى الحقيقي، مع إرادة لازمه تناف؛ لأنه لا يتفرع ظهور أن المخالفة من جهة إرادة المعنى الحقيقي، مع إرادة لازمه، ولا حاجة في دفعهما إلى تقدير الجواز، كما ذهب إليه الشارح.
فإن قلت: قد صرح صاحب الكشاف أن قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (١) وقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ كناية مع امتناع المعنى الحقيقي في حقه تعالى، فتمتنع إرادته، فالتقييد بقوله: مع جواز إرادته معه يخرج كثيرا من الكنايات.
قلت: منهم من يقول: معنى جواز إرادته معه جواز إرادته في الجملة، وفي بعض المواد فلا تخرج كنايات يمتنع جواز إرادة المعنى الحقيقي في بعض المواد، ولا يخفى أنه في غاية البعد على أنه تدخل هذه الكناية في تعريف المجاز؛ لأنه يصدق عليه أنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له؛ لعلاقة مع قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له.
وقال الشارح في المختصر: إن المراد مع جواز إرادته معه من حيث إنها كناية وامتناع الإرادة في هذه الأمثلة بواسطة خصوص المادة، وهو كلام خال عن التحصيل، مع أنه يوجب الدور في تعريف الكناية، وتدخل هذه الأمثلة في