للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحث؛ لأن انتفاء النجاد قرينة مانعة عن إرادته على ما عرفت.

ولنا بحث نذكره لك، وإن حان الإسهاب للإطناب رجاء أن نجدد نشاطك في السماع، فإنه معجب للألباب، وهو أنه يمكن أن تجعل الكناية كلها حقائق صرفة، ويكون قصد ما يجعل معنى كنائيا من قبيل قصد النتيجة بعد إقامة الدليل، فيكون قولنا: فلان كثير الرماد، حقيقة صرفة ذكرت دليلا على أنه مضياف، فيكون التقدير: فهو مضياف، ولا يكون هناك استعمال كثير الرماد في المضياف.

(وفرق) لم ينسبه إلى السكاكي (١)، مع أنه ذكره في كتابه؛ لأنه لا يخصه كما صرح به في الإيضاح (بأن الانتقال فيها) أي: في الكناية (من اللازم إلى الملزوم) كالانتقال من طول النجاد الذي هو لازم لطول القامة إليه.

(وفيه) أي في المجاز (من الملزوم إلى اللازم) كالانتقال من الغيث الذي هو ملزوم النبت إلى النبت.

ولا يخفى أن هذا لا يظهر في الاستعارة؛ لأن الأسد ليس ملزوما للرجل الشجاع، وكذا في كثير من المجازات المرسلة، ولو جعلت ملزومات بالقرينة فالكناية أيضا ملزومة بالقرينة.

(ورد) هذا الفرق يمنع أن الانتقال في الكناية من اللازم إلى الملزوم (بأن اللازم ما لم يكن ملزوما لم ينتقل منه) إلى الملزوم (٢)؛ لأن اللازم من حيث إنه لازم يجوز أن يكون أعم من الملزوم، ولا دلالة للعام على الخاص، وفيه أنه إن عرف علاقة اللزوم بين اللازم والملزوم ينتقل منه إليه، لا محالة.

وإن لم يعرف لا ينتقل من الملزوم أيضا (وحينئذ) أي: حين إذ كان اللازم ملزوما (يكون الانتقال من الملزوم إلى اللازم) كما في المجاز، فلا يتحقق الفرق.

والسكاكي أيضا معترف بأن اللازم ما لم يكن أخص أو مساويا لم ينتقل منه إلى الملزوم.


(١) انظر المفتاح- ٢١٣.
(٢) لأن هذا اللازم قد يكون أعم من الملزوم كلزوم الحيوان للإنسان، ولا دلالة للعام على الخاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>