للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يُحْيِي وَيُمِيتُ* أو حرفين نحو) قوله تعالى: لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ (١) لا يخفى على البالغ مرتبة رجال البلاغة حسن ما في هذه الأمثلة من الطباق كيف، وقد أوقع المتكلم بين الضدين فيها الاتفاق، كما أوقع الموصوف والمحكي عنه بينهم الوفاق، فيشاهد التطبيق فيها من وجهين.

قال القاضي: أي لها ما كسبت من خير، وعليها ما اكتسبت من شر لا ينتفع بطاعتها، ولا يتضرر بمعصيتها غيرها، وتخصيص الخير بالكسب والشر، بالاكتساب؛ لأن الاكتساب فيه اعتمال والشر تشتهيه النفس وتنجذب إليه، فكأنه أجد في تحصيله وأعمل هذه عبارته، والاعتمال هو الاضطراب في العمل.

(أو من نوعين) عطف على قوله: من نوع والقسمة تقتضي أن تكون ستة أقسام اسم وفعل أو حرف وفعل أو اسم وحرف، فهذه أقسام ثلاثة تتضاعف باعتبار التقدم والتأخر، ولم يمثل المصنف إلا للقسم الأول، وأما تمثيله للاسم المتقدم فبقوله: (نحو) قوله تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ (٢).

قال الشارح: فإن الموت والإحياء مما يتقابلان في الجملة، وقد ذكر الأول بالاسم والثاني بالفعل، وهذا إنما يستقيم لو كان الموت والإحياء بمعناهما، لكن قال المصنف: أي ضالا فهديناه.

هذا، ويشهد له ما بعده من قوله تعالى: وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ (٣) قال القاضي: مثل به من هداه الله، وأنقذه من الضلال، وجعل له نورا.

ويمكن تصحيح التمثيل على طبق ما ذكره الشارح الجليل بأن المراد التمثيل إن كنت فطنا، فعلى فهمك التعويل، وبالجملة فالظاهر أن الإحياء مما يتعلق بما يقابل الموت، فالمثال من قبيل أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ (٤) وما تمثيله للفعل المتقدم، فيقوله في الإيضاح: يصان وهو ليوم الروع مبذول، فقد ذكر


(١) البقرة: ٢٨٦.
(٢) الأنعام: ١٢٢.
(٣) الأنعام: ١٢٢.
(٤) الفتح: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>