ومنهم من قال أن يزاوج بين معنيين في الشرط والجزاء بأن يقارن أحدهما بالشرط ثم يقارن الآخر بهذا المعنى في الجزاء، بواسطة أن المقارن للجزاء المقارن للشرط مقارن لما قارن الشرط.
ومنهم من قال أن يقارن بين معنيين في الجزاء بأن يقارن بمعنى هو الشرط معنى، ومعنى هو الجزاء معنى.
قال الشارح المحقق في شرح المفتاح: الثاني أردى من الأول.
وقال في الشرح والمختصر: وهو فاسد، ولا قائل بالمزاوجة في قولنا: إن جاء زيد، فسلم على أجلسته فأنعمت عليه.
هذا وفي كون الثاني أردئ من الأول بحث؛ إذ ما أورده في المختصر مشترك بينهما، والعبارة أوفق بالثاني، بل أوفق من توجيه ما استفاده من السلف.
ويمكن دفع النقض بتقييد المعنيين اللذين وقع الازدواج بينهما، وبين الشرط والجزاء بكونهما متحدين في الجنس، كما يقيد الازدواج على توجيه الشارح بكونه في ترتب معنى مخصوص عليهما بقرينة الأمثلة.
هذا، وينبغي أن لا تخص المزاوجة بين الشرط والجزاء، ويجعل منه نحو التي نهاني الناهي عن حبها فلج بي الهوى أصاخت إلى الواشي فلج بها الحجر، فإنه يشارك المركب من الشرط والجزاء المزدوجين في هذا التحسين البديعي، فإما أن يأول الشرط والجزاء بما يشمل هذا التركيب فتفطن، أو يجعل هذا ملحقا بالمزاوجة.
(كقوله) أي: قول البحتري: [(إذا ما نهى النّاهي) ومنعنى عن هواها (فلجّ) أي: لزم (بي الهوى أصخت إلى الواشي) أي: استمعت إلى النمام الذي يشي حديثه ويزينه، وصدقته فيما افترى علي، وكأنه افتراد أنه قبل نهى الناهي؛ إذ حينئذ بحسن اتصال الإصاخة بنهي الناهي (فلجّ بها الهجر)] (١). ومثله قوله أيضا [(إذا احتربت) أي: تحاربت الفرسان المذكورة في البيت السابق (يوما ففاضت) أي: سالت (دماؤها) أي: دماء المقتولين منها (تذكّرت القربى)
(١) البيت في ديوانه: (٨٤٤)، والإيضاح: (٣١٠)، والتبيان للطيبي (٢/ ٤٠٠).