للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استطاعوا من الفعل استطاعة شىء لأنه متكلف، وأما النهى فالتارك لكل ما أراد تركه يستطيع، لأنه ليس بتكليف شىء يحدث إنما هو شىء متكلف عنه (١) ". انتهى هذا النص بحروفه.

وأصل الخلاف يلتفت على أمرين:

أحدهما: أن الأمر هل يشترط فيه الإرادة أم لا؟ فالمعتزلة يشترطونها، ونحن لا نشترطها، فلما اشترطوا كون الآمر مريدًا لوقوع ما أمر به استحال عندهم تكليف المستحيل، لأن اللَّه تعالى إذا أمر بإيقاع أمر مستحيل فلا شك أنه سبحانه عالم بأنه لا يقع، ومن أصلهم أن الآمر يريد وقوع ما أمر به، والجمع بين العلم بعدم وقوعه وإرادته بأن يقع متناف ونحن لم نشترط ذلك فجوزنا، فإن قيل: فإن إمام الحرمين قد وافق المعتزلة على وقوعه (٢) مع أنه يقول بالأصل المذكور. قلنا: بنوا مذهبهم على هذا الأصل (٣)، وأما الإمام فمدركه غير ذلك


= شىء فدعوه").
كتاب الحج باب فرض الحج مرة ٤/ ١٠٢، سنن النسائى ٥/ ١١٠، البخارى فى صحيحه -كتاب الاعتصام- باب الأقتداء بسنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم-٤/ ٢٥٨، وابن ماجة ١/ ١.
(١) لم أجد هذا الكلام فى الأم لعدم معرفة مكان مظنته فيها.
(٢) انظر البرهان ١/ ١٠٤.
(٣) يعنى التقبيح العقلى لأنهم يقولون: إذا كان اللَّه يأمر بشىء ولا يريده فذلك قبيح، واللَّه منزه عن القبيح، إذن اللَّه لا يأمر بشىء إلا إذا أراد وقوعه.
البحر المحيط ١/ ٢٢٠، الإبهاج ١/ ١٧١.
والذى يفهم من كلام إمام الحرمين أنه لا يجوز التكليف بالمحال لغيره حيث قال: "فإن قبل: ما علم اللَّه تعالى أنه لا يكون وأخبر على وفق علمه بأنه لا يكون فلا يكون، والتكليف بخلاف المعلوم جائز؟
قلنا: إنما يسوغ ذلك لأن خلاف المعلوم مقدور فى نفسه وليس امتناعه للعلم بأنه لا يقع، ولكن إذا كان لا يقع مع إمكانه فى نفسه فالعلم يتعلق به على ما هو عليه، وتعلق العلم بالمعلوم لا يغيره ولا يوجبه بل تبعه فى النفى والإثبات".
البرهان ١/ ١٠٥.
وذكر الغزالى نحوه فى المستصفى ١/ ٥٦.

<<  <   >  >>