للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو أن الطلب فى نفسه لا يتحقق مع علم الطالب أن المطلوب بأمره مستحيل (١).

فحاصل المسألة أن طلب المستحيل من عالم باستحالته هل يتحقق أم لا؟

الثانى: أن القدرة مع الفعل، وعندهم قبله، واعلم أن الشيخ لم يصرح بالجواز فى هذه المسألة إلا أن له أصلين (٢) يقتضيان تجويزه:

أحدهما: أن القدرة مع الفعل لا قبله والتكليف يتوجه قطعًا (٣) والتكليف بغير المقدور تكليف بما لا يطاق.

والثانى: أن أفعال العباد بقدرة اللَّه تعالى، فالعبد مطلوب بإيقاع فعل غيره، وفعل الغير لا نطيق اختراعه (٤)، واعلم أن هذه المسألة تكلم عليها أهل العلمين


(١) ذكر المؤلف -رحمه اللَّه- فى البحر المحيط: أن مأخذ المعتزلة التقبيح العقلى، ومأخذ إمام الحرمين ومن وافقه من الشافعية أن الفعل والترك لا يصحان من العاجز. انظره ١/ ٢٢٠ إلا أنه نقله عن ابن القشيرى هناك وتعقبه بما يوافق رأيه هنا.
(٢) انظر هذين الأصلين والرد عليهما. البرهان ١/ ١٠٣، المستصفى ١/ ٥٥، والبحر المحيط ١/ ١ ٢٢.
(٣) يعنى قبل الفعل.
(٤) حاصل المسألة أن فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: جوازه مطلقًا، وهو مذهب الجمهور، والقاضى الباقلانى، والأشعرى، وقول عن الغزالى.
الثانى: المنع مطلقًا وهو مذهب المعتزلة، وبعض الشافعية، وظاهر كلام الشافعى فى الأم كما ذكر المصنف هنا.
الثالث: التفصيل بين أن يكون ممتنعًا لذاته، فلا يجوز أو لغيره فيجوز. ونقل عن بعض المعتزلة واختاره الآمدى، ونقله عن الغزالى، واختاره صاحب المنهاج، وبه قال ابن دقيق العيد.
وهذا القول هو الراجح فى نظرى، لأن الواقع فى الشرع من التكليف بالمحال هو من باب المحال لغيره كتكليف أبى جهل وأبى لهب بالإيمان مع أنه محال حيث أخبرنا اللَّه عن عدم إيمانهم لعلمه السابق بذلك، ولأنه جمع بين الأقوال.
انظر الأحكام للآمدى ١/ ١٩٢، الإبهاج ١/ ١٧٢، والبحر المحيط ١/ ٢٢٠.

<<  <   >  >>