للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كان القاضى يرى أنها حقائق لغوية وأن الشرع استعملها على موضعها أطلق عليها اسم الإيمان حقيقة، لأن الإيمان فى اللغة التصديق، وشرط معه الشرع شرطًا آخر، وبانتفاء الشرط لا ينتفى المشروط.

قال الشيخ أبو إسحاق: سمعت القاضى أبا الطيب الطبرى يقول: سمعت أبا بكر يقول: ذهبت ناشئة المعتزلة القدرية إلى أن فى الأسماء شيئًا منقولًا، وتابعهم على ذلك جماعة من المتفقهة، ولم يعلموا ما فى ذلك من الكفر والطغيان، وقال: هذا قول عظيم فى السلف.

قال الشيخ: ويمكن أن يقال: إن الأسماء منقولة إلا فى هذه المسألة. كما نقول فى الأمر: يقتضى الوجوب، وإن كان منها ما لا يقتضيه، وقال فى موضع آخر: وأما إثبات الاسم من جهة عرف الشرع وهو أن يكون اللفظ موضوعًا فى اللغة لمعنى وورد الشرع به فى غيره وكثرة استعماله فيه كالأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع كالوضوء، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، فذهبت المعتزلة إلى أنها منقولة من اللغة إلى الشرع.

ومن أصحابنا من ذهب إلى أن الأسماء كلها مبقاة على موضوعاتها فى اللغة لم ينقل شىء منها (١).

قال: وهو قول أهل الحق، ومذهب أهل السنة.

وقد ذكرنا أن ذلك أول بدعة ظهرت فى الإسلام، وأصله مسألة الإيمان.

قال: وقد نصرت فى التبصرة أن الأسماء منقولة.

قال: ويمكننا نصرة ذلك من غير أن نشارك المعتزلة فى مذهبهم فنقول: هذه الألفاظ منقولة من اللغة إلى الشرع، فأما الإيمان فهو مبقى على موضوعه فى اللغة غير منقول إلى الشرع (٢). انتهى.


(١) انظر اللمع ص ٦.
(٢) انظر التبصرة ص ١٩٠ - ١٩٧.

<<  <   >  >>