للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ: وهذا القول أصح، وحكى ابن برهان الخلاف أيضًا لكنه صحح الأول.

قلت: وهذه غير المسألة التى نقل للآمدى وابن الحاجب فيها الإجماع على امتناع العمل فيها بالعام قبل البحث عن المخصص (١). وهذه المسألة من مشكلات هذا الباب نقلًا وحجاجًا، قد بينت مستند ذلك ووجه الوهم فيه، وتحقيق الجمع بما لم أسبق إليه فى كتاب "ثمار الأصول" (٢) وهو الكتاب الذى لا يستغنى عنه الأصولى على أى مذهب كان لاسيما تحرير مذهبنا.

وأشار إمام الحرمين إلى أن الخلاف فى هذه المسألة يبنى على القول بجواز تأخير البيان عن مورد الخطاب (٣). فأبو بكر الصيرفى ذهب إلى البدار لاعتقاد حمل الصيغة على الاستغراق، والمعممون على خلافه، وفى كلام ابن برهان هنا شىء عجيب نبهت عليه فى الكتاب المذكور (٤)، وقال ابن برهان: بناء المسألة على حرف وهو أن اعتقاد العموم عندنا يؤدى إلى إبطال القول بالاستغراق والقول بالتوقف وعند المخالفة لا يفضى إليه (٥).


(١) بل هى هى بعينها ومعهما الغزالى فى ذلك. انظر كلامهم فى: المستصفى ٢/ ٣٥، والإحكام ٣/ ٧٠، المنتهى ص ١٠٦، والعضد على المختصر ٢/ ١٦٨ , ولكن ابن الحاجب جعل وجوب الاعتقاد مسألة ووجوب العمل مسألة، وأجرى الخلاف فى الأولى، ونقل الاتفاق على امتناع العمل بالعموم قبل البحث عن التخصيص.
(٢) لم أر الكتاب، ولم أر من نسبه للمؤلف، وقد استقصى -رحمه اللَّه- هذه المسألة فى البحر ٣/ ٢١ - ٣٢.
(٣) انظر البرهان ١/ ٤٠٣ - ٤٠٧.
(٤) انظر البحر المحيط ٣/ ٢٢ فما بعدها.
(٥) اختلفت عبارات الأصوليين فى هذه المسألة اختلافًا شديدًا فى صورها وأحكامها.
وخلاصة القول فيها خمسة أقوال:
أحدها: يجب اعتقاد العموم والعمل به فى الحال قبل البحث عن مخصص، وهو قول الصيرفى، وظاهر كلام الإمام أحمد فى رواية عبد اللَّه، وبه قال ابن عقيل، والقاضى، وابن قدامة، وأبو بكر من الحنابلة وجمهور الأحناف. =

<<  <   >  >>