الثالث: إن كانت صيغة العموم مسموعة مشافهة من النبى -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم- على طريق تعليم الحكم وجب اعتقاده والعمل بموجبه فى الحال، وإن سمعت من غيره لزم التثبت. وهر قول أبى عبد اللَّه الجرجانى، والسرخسى من الأحناف. الرابع: إن ورد العام بيانًا لحكم كأن يكون جوابًا لسؤال أو أمرًا أو نهيًا وجب اعتقاده والعمل به، وإن ورد ابتداء وجب التوقف فيه. حكاه أبو حامد، وسليم الرازى عن أهل العراق من الشافعية، والجصاص من الأحناف. الخامس: التفصيل بين ما دخله تخصيص وما لم يدخله، فيعمل بالذى لم يدخله تخصيص فى الحال، ويتوقف فى الآخر. حكاه الماوردى، والرويانى عن أهل العراق. والذى يظهر لى أن المجتهد الممارس للكتاب والسنة العارف بهما يعمل بالعام، لأن عدم وجود المخصص لمن كان كذلك يسوغ له التمسك بالعام، وهو الواجب عليه المتعبد به. أما غير المجتهد فلا يعمل بالعام حتى يبحث أو يسأل أهل الذكر عن المخصص، لأنه لا يعلم الأدلة. واللَّه تعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. . الآية. ولأنا إذا سوغنا لغير العالم أن يعمل بالعام قبل البحث عن المخصص قد يؤدى ذلك إلى أن يعمل بالمنسوخ مع جهله للناسخ، وهو ممنوع باتفاق. واللَّه أعلم. وانظر هذه الأقوال فى: التبصرة ص ١١٩، اللمع ص ١٥، العدة/ ٥٢٥، البرهان ١/ ٤٠٦، المستصفى ٢/ ٣٥، المحصول ١/ ٣/ ٢٩، الإحكام للآمدى ٣/ ٧٠، منتهى السول ٢/ ٦٣، المنتهى لابن الحاجب ص ١٠٦، تيسير التحرير ١/ ٢٣٠، فواتح الرحموت ١/ ٢٦٧، روضة الناظر ص ١٢٦، المسودة ص ١٠٩، البحر المحيط ٣/ ٢٤، إرشاد الفحول ص ١٣٩، وأضواء البيان ٧/ ٤٣٠.