للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاف يلتفت على أن التقييد هل ينزل منزلة النسخ أم لا؟

فعندهم ينزل منزلته، وعندنا لا.

وإذا قلنا: لا يتنزل منزلة النسخ، التفت ذلك أيضًا على أن الزيادة على النص هل تكون نسخًا؟

فعندهم أنها نسخ، ولهذا لم يردوا المطلق إلى المقيد، لأن الرد إنما وجب عند المحققين لأجل قياس معنوى، والنسخ لا يكون بالقياس، ومن لم ير الزيادة على النص نسخًا قال: هى بيان وتخصيص حسن عنده رد المطلق إلى المقيد، لأن التخصيص يجوز بذلك.

وقال صاحب (١) الواضح من المعتزلة: الخلاف فى أن تقييد الرقبة المطلقة بالإيمان هل يقتضى زيادة أم تخصيصًا؟ ينبنى عليه الحمل بالقياس فمن قال: زيادة (٢) منع الحمل بالقياس لأن عنده الزيادة نسخ، والنسخ بالقياس لا يجوز، ومن قال: تخصيص جوزه بالقياس وخبر الواحد.


= لاستحالة الترجيح بلا مرجح، مثال كونه أقرب لأحدهما صوم كفارة اليمين، فإنه لم يقيد بتتابع ولا تفريق مع أن صوم الظهار مقيد بالتتابع، وصوم التمتع مقيد بالتفريق، وكفارة اليمين أقرب إلى الظهار منها إلى التمتع فتقيد بقيده وجوبًا عند بعض، وندبًا عند آخر، ومثال كونه ليس أقرب لأحدهما من الآخر صوم قضاء رمضان، فإنه تعالى قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. ولم يقيده بتفريق ولا تتابع مع أن صوم الظهار مقيد بالتتابع، وصوم التمتع مقيد بالتفريق، وليس صوم قضاء رمضان أقرب إلى أحدهما من الآخر فيبقى على إطلاقه من شاء فرقه، ومن شاء تابعه.
وانظر هذه الأقوال وأدلتها فى: القواعد الأصولية للدكتور عمر عبد العزيز ص ٨٥ - ١٠٠، ومذكرة الشيخ -رحمه اللَّه- ص ٢٣٢، نشر البنود ١/ ٢٦٨، البحر المحيط للمؤلف ٣/ ٢٦٥، شرح الكوكب ٣/ ٣٩٥، الإبهاج ٢/ ٢١٨، البرهان ١/ ٤٣٠، التبصرة ص ٢١٢، ٢١٥، وإرشاد الفحول ص ١٦٤.
(١) هو أبو يوسف عبد السلام. ذكره المؤلف -رحمه اللَّه- فى مقدمة البحر المحيط ١/ ٤، ولم أر عنه غير هذا.
(٢) فى الأصل: (بزيادة).

<<  <   >  >>