للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقدر أن العربى إذا قال: "فى سائمة الغنم الزكاة" (١). أن هذا الكلام قام مقام كلامين، أحدهما وجوبها فى السائمة، والآخر نفيها عن المعلوفة، أم نقول: إن هذا ليس من قبيل اللفظ، بل من قبيل المعنى؟

قلت: وهذا الخلاف غريب، ونقل أن مذهب الشافعى أنه من قبيل اللفظ، ووجه التخريج أنا إن قلنا: إنه من قبيل اللفظ كان الباقى بعد التخصيص حجة، وإن قلنا: من قبيل المعنى فلا.

قلت: وهذا التخريج فيه نظر، بل ينبغى التفات ذلك على جواز تخصيص العلة، فإن جوزناه كان الباقى حجة وإلا فلا، فهو بناء خلاف على خلاف، وله التفات أيضًا على أن المفهوم عموم أم لا؟ لأن التخصيص فرع التعميم، ونظر هذا اختلاف قول الشافعى فى آية (٢) البيع هل هى عامة خصصها الكتاب


(١) هو جزء من حديث طويل أخرجه البخارى فى كتاب الزكاة - باب زكاة الغنم - ١/ ٢٥٣، ومالك فى الموطأ ٢/ ١١٣ مع الزرقانى، وأبو داود ٣/ ١٢٩، ١٣٢، والدارمى ١/ ٣٨١، والمسند ١/ ١٢، والنسائى ٥/ ١٤، ٢٠.
(٢) وهى قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. . الآية.
قال الشافعى فى كتاب أحكام القرآن: قال اللَّه تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} فاحتمل إحلال اللَّه البيع معنيين:
أحدهما: أن يكون أحل كل بيع تبايعه المتبايعان جائزى الأمر فيما تبايعاه عن تراض منهما، وهذا أظهر معانيه.
والثانى: أن يكون اللَّه أحل البع إذا كان مما منه عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم- المبين عن اللَّه معنى ما أراد، فيكون هذا من الجملة التى أحكم اللَّه فرضها بكتابه وبين كيف هى على لسان نبيه -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم- أو من العام الذى أراد به الخاص، فبين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم- ما أريد بإحلاله منه وما حرم، أو يكون داخلًا فيهما، أو من العام الذى أباحه إلا ما حرم على لسان نبيه منه، وما فى معناه كما كان الوضوء فرضًا على كل متوضىء لا خفين عليه لبسهما على كمال الطهارة، وأى هذه المعانى كان قد ألزمه اللَّه خلقه بما فرض من طاعة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم =

<<  <   >  >>