للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأستاذ أن إجماع كل أمة حجة (١) ولم يزل ذلك فى الملل، وتوقف القاضى فى المسألة، وقال إمام الحرمين: إن كان مستندهم قطعيًا فحجة أو مظنونا فالوقف (٢).

قلت: قد رد الشافعى فى الأم قول من ادعى فى مناظرته أن أهل العلم إذا أجمعوا على شىء كان دليلًا على إجماع من مضى قبلهم، قال الشافعى: قلت له: أرأيت قولك: إجماعهم يدل على إجماع من قبلهم أترى الاستدلال بالتوهم أولى بدونهم أم بخبرهم؟ قال: بل بخبرهم، قلت: فإن قالوا لك فما قلنا به مجتمعين ومفترقين ما قلنا الخبر فيه فالذى يثبت مثله عندنا عن من قلنا إنهم مختلفون فيه، وبما قلنا به ما ليس فيه خبر عن من قبلنا.

والخلاف يلتفت على أمرين:

أحدهما: أن شرع من قبلنا شرع لنا أو لا (٣)؟


(١) يعنى الأسفرائينى. وبه قال بعض الشافعية وقالوا: إنه كان حجة قبل النسخ. اللمع ص ٥٠، وشرح التنقيح ص ٣٢٣.
(٢) انظر كلام القاضى وإمام الحرمين فى البرهان ١/ ٧١٨ - ٧١٩، المسودة ص ٣٢٠، وشرح الكوكب ٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧.
وهناك قول آخر ذكره المؤلف فى البحر وهو: إن ثبت بالتواتر أن إجماعهم كان حجة، قلنا به وإلا فلا. وبه قال ابن برهان. انظر البحر المحيط ٥/ ٧.
ونقل عن الكيا الهراسى إنكار الخلاف فى المسألة، لأن العقل يجوز كلا الأمرين، ولا دليل من السمع، فيجب التوقف فى المسألة.
(٣) حاصل الكلام فى شرع من قبلنا هل هو شرع لنا أم لا؟ أن فيه طرفين وواسطة، طرف يكون فيه شرعًا لنا إجماعًا، وطرف يكون فيه غير شرع لنا إجماعًا، وواسطة هى محل الخلاف.
أما الطرف الذى كون فيه شرعًا لنا إجماعًا فهو ما ثبت بشرعنا أنه كان شرعًا لمن قبلنا، ثم ثبت بشرعنا أنه شرع لنا كالقصاص، فإنه ثبت بشرعنا أنه كان شرعًا لمن قبلنا فى قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}. . الآية. ثم صرح لنا فى شرعنا بأنه شرع لنا فى قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}. . الآية. =

<<  <   >  >>